
عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في العاصمة الروسية موسكو، حيث شهد العرض العسكري المهيب الذي أقيم في الساحة الحمراء، وذلك احتفالاً بالذكرى الثمانين لعيد النصر، وهو الحدث التاريخي الذي يخلد انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
تُبرز هذه المشاركة عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط بين مصر وروسيا، والتي تمتد جذورها لنحو ثمانية عقود.
استقبال رسمي ولقاء استثنائي.
استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الساحة الحمراء بموسكو، وسط أجواء رسمية مهيبة تعكس أهمية المناسبة.
تبادل الزعيمان التحية والتقطا الصور التذكارية مع عدد من القادة والزعماء ورؤساء الوفود المشاركين في هذه الذكرى المهمة.
حملت هذه المشاركة الرمزية دلالات قوية حول متانة العلاقات بين البلدين، وأظهرت التقدير الروسي للدور المصري البارز على الساحة الدولية.
إحياء لذكرى الأبطال
في إطار فعاليات الذكرى، شارك الرئيس السيسي نظراءه من القادة بوضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول في حديقة ألكسندروفسكي، وهي لفتة إنسانية تعبر عن الامتنان لتضحيات الجنود الذين ساهموا في هزيمة النازية وإنهاء الحرب العالمية الثانية.
العلاقات المصرية الروسية.. إرث من التعاون المتجدد
أكد اللواء عادل العمدة مستشار الأكاديمية العسكرية العليا أن مشاركة مصر في احتفالات عيد النصر تعكس عمق العلاقات الدبلوماسية التي تربط القاهرة وموسكو منذ عام 1943.
وأوضح أن هذه العلاقة لم تكن مجرد علاقات بروتوكولية فحسب، بل امتدت إلى شراكات استراتيجية كبرى مثل مشروع محطة الضبعة النووية، الذي يُعتبر أحد أكبر مشروعات التعاون المصري الروسي حالياً.
رؤية متجددة وتعزيز للدور المصري
وأشار اللواء العمدة إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت تطوراً ملحوظاً خلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصةً في الجوانب العسكرية والدبلوماسية بالإضافة إلى الشراكات الاقتصادية المتنامية.
وأضاف أن لقاءات السيسي المتكررة مع زعماء العالم سواءً خلال هذه المناسبة أو محافل أخرى تؤكد مكانة مصر المتزايدة على الصعيد الدولي.
مصر على خريطة القوى العالمية
اختتم العمدة تصريحاته بأن دعوة مصر للمشاركة في هذا الحدث التاريخي تُظهر احترام العالم لدور مصر وموقعها الجيوسياسي وتؤكد أن صوتها مسموع في القضايا الدولية وأن لها وزناً متزايداً داخل دوائر صنع القرار العالمية.
ختاماً فإن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفالات الذكرى الثمانين لعيد النصر بموسكو لم تكن مجرد حضور بروتوكولي بل كانت رسالة سياسية وعسكرية تعبر عن مكانة مصر الراسخة على الساحة الدولية.
كما جاءت تأكيداً جديداً على عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو واستمرار التعاون عبر مختلف المجالات وسط عالم يشهد تغييرات سريعة وتحديات معقدة.
تقارب سياسي وثقة متبادلة
التقارب السياسي بين مصر وروسيا لم يكن وليد اللحظة بل جاء نتيجة سلسلة من اللقاءات المتبادلة بين الرئيسين السيسي وبوتين، مما عزز التفاهم الاستراتيجي بين البلدين فيما يتعلق بالأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والتعاون الدفاعي والاقتصادي. هذا التفاهم يُترجم إلى توافق فعلي تجاه العديد من القضايا الدولية مما جعل العلاقات الثنائية نموذجًا يحتذى به لتحقيق توازن دبلوماسي ناجح.
نمو اقتصادي واستثمارات روسية متزايدة
منذ عام 2015 شهدت العلاقات الاقتصادية المصرية الروسية نمواً مطردًا حيث تجاوزت صادرات مصر إلى روسيا 4.495 مليار دولار حتى عام 2025. وحدها صادرات يناير 2025 سجلت 71.22 مليون دولار ما يعكس الديناميكية المتزايدة للتبادل التجاري بين البلدين. هذا الزخم يعكس تنامي الثقة الروسية بالسوق المصري وزيادة فرص الاستثمار عبر قطاعات متنوعة.
المنطقة الصناعية الروسية.. بوابة للتكامل الصناعي
A أبرز ملامح الشراكة الاقتصادية هو مشروع المنطقة الصناعية الروسية بمحور قناة السويس والذي يُنتظر أن يستقطب استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار ويوفر نحو 35 ألف فرصة عمل. تغطي هذه المنطقة مشاريع استراتيجية تشمل صناعة السيارات والمعدات الزراعية والأدوية وبناء السفن والتكنولوجيا وإعادة التدوير. تمثل هذه المبادرة ترجمة عملية لرؤية اقتصادية مشتركة تسعى لتحقيق التنمية المستدامة لكلا البلدين.
الضبعة النووية.. حلم يتحقق بتعاون روسي
في عام 2015 وقعت مصر وروسيا اتفاقًا لإنشاء أول محطة نووية بمصر بمدينة الضبعة بطاقة إجمالية تصل إلى 4800 ميجاوات. المشروع الذي تنفذه شركة “روساتوم” الروسية بتمويل مُيسر يغطي 80% من التكلفة يمثل حجر زاوية هام للتعاون المثمر بين البلدين ويُعتبر ركيزة لطموح مصر نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الأمن القومي.
وفي يناير 2024 شارك الرئيسان السيسي وبوتين في تدشين القاعدة الخاصة بوحدة الكهرباء الرابعة ضمن المشروع بما يعكس التقدم المحرز والأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الكبير.
< p >إنه حضور يُعبّر عن رؤية مصر الجديدة التي تتبع سياسة خارجية متوازنة قائمة على تعزيز التعاون مع القوى الدولية بما يخدم المصالح الوطنية ضمن عالم يتطلب القوة والرؤية الواضحة. إن العلاقات القائمة بين القاهرة وموسكو ليست فقط قصة ماضٍ مشترك بل هي شراكة مستقبلية تبنى على أسس من الثقة والتكامل والمصالح المشتركة.
تعليقات