
صلى قداسة البابا تواضروس الثاني اليوم قداس السبت من الأسبوع الثالث من الخمسين المقدسة، وذلك في تذكار مرور أربعين يومًا على نياحة مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس مطران إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، وقد أقيم القداس في كرمة مار مرقس بدمنهور، وهو المقر الخاص بالمطرانية.
شارك في صلوات القداس إلى جانب نيافة الأنبا بولا مطران طنطا والنائب البابوي لإيبارشية البحيرة وتوابعها عدد من الآباء المطارنة والأساقفة ومجمع كهنة إيبارشية البحيرة ورهبان دير القديس مكاريوس، كما حضر وفود من الآباء الكهنة والرهبان من إيبارشيات وأديرة الكرازة المرقسية وراهبات ومكرسات وأراخنة “البحيرة” بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الشعب.
خادمًا ومحبًا وأمينًا
وفي عظة القداس قال قداسة البابا: “نجتمع اليوم في تذكار مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس مطران إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، في مقر مطرانيتها التي بدأ منها العمل في هذه الإيبارشية الواسعة على مدى أكثر من ٥٤ عامًا، حيث خدم فيها أسقفًا ومطرانًا، وكان خادمًا محبًا وأمينًا ومخلصًا في خدمته. لقد قدم لنا نموذجًا رائعًا في الخدمة وفي كيفية أن يكون الشخص مخلصًا”. وأضاف: “الذين نحبهم لا يموتون فهم يعيشون في قلوبنا ونظل دومًا نتذكر حياتهم وما صنعوه من أجلنا”.
وتناول قداسته ثلاث ملامح تميز بها نيافة الأنبا باخوميوس، وهي أنه كان: ١- قامة روحية: تحققت فيه معادلة “الروحي والإداري” أي أنه كان شخصية روحية بالحقيقة وفي نفس الوقت كان إداريًّا ناجحًا. كان محباً للصلاة وللقديسين وللسهر الروحي وللألحان، وكانت روحانياته واضحة في عظاته وتعاليمه إذ كان يمزج بين كلمة الله وخبراته الروحية العميقة التي عاشها. وعلى هذا المعنى علق قداسة البابا قائلاً: “أتحدث باعتباري أحد أبناء هذه الإيبارشية التي عشت فيها منذ طفولتي، وشاءت العناية الإلهية أن أخدم فيها لمدة ٢٢ سنة راهباً وكاهناً وأسقفاً مساعداً لنيافته. أشهد أمام الله أنني كنت كل يوم أتعلم منه ومن فكره وأسلوبه وأمانته ومن روحياته”. واستكمل قائلاً: “بدأ عمله في الإيبارشية الوليدة بشكل يكاد يكون بلا إمكانيات ولكن كانت معه نعمة الله التي أثمرت به ثماراً كثيرة وفي مجالات عديدة”.
كما أكد أنه كان يمزج كل شيء بالصلاة والعبادة إذ آمن بأن الصلاة تصنع المعجزات حتى إن أموراً كثيرة كان يصلي لأجلها لسنوات حتى تتحقق. وضع نفسه في يمين الله فعمل الله به عملاً عظيمًا ليس فقط داخل إيبارشيته بل أيضاً خارجها. لفت قائلاً: “هو قامة روحية في تعليم الكتاب المقدس وفي نقل خبرة البرية المقدسة واختبارات الحياة الروحية لذا كان مرشدًا مختبرًا وأب اعتراف لكثيرين”.
وعن الخبرات الواسعة للأب المطران المتنيح قال قداسته: “خبرته الكبيرة في خدمة الإيبارشية وبالنعمة التي أعطاها الله له كانت فرصة طيبة لكثيرين لكي يتتلمذوا على يديه ويتعلموا منه ويمتصوا رحيق الحياة الروحية الأصيلة”.
٢- قامة كنسية: وفي هذا السياق قال قداسة البابا: “كان نموذجاً للخادم الكنسي بل بمثابة كنيسة أينما حل! وكان يحب الكنيسة حبّاً فائقا ويعشق القديسين وأعيادهم وتذكاراتهم ويولي اهتمامه للفقراء وخدمتهم ويسعى للتعمير لكي يجد كل إنسان مكاناً يصلي فيه”.
وأضاف قائلاً: “بذل جهدًا كبيرً اودموعا كثيرة في الإيبارشية وكل كنيسة فيها تشهد لتعبه وعمله وصلواته ودموعه”، مؤكدً اأنَّه كان نموذجً ا للخادم الذي يحب الكنيسة ويشعر بـ”غلاوتها” ويدرك قيمة آبائها وطقسها وتاريخها وتراثها. وعن نمو الخدمة وحب المطران الجليل الراحل قال قداسته: “كانت الخمس مدن الغربية مجرد لقب يقترن بنطاق خدمة الأب البطريرك ولكنه أحيا هذا اللقب إذ أوجد خدمة حيوية حقيقية بهذه المنطقة من العدم”. واختتم بالقول:”سيذكر التاريخ أنه بنهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين كان هناك عمود قويٌّ يخدم الكنيسة القبطية بقوة وأصالة استطاع أن يمزج بين الأصالة والمعاصرة فلم يكن فكره جافًّ ا أو متشدداً وإنما جمع بين تراث الكنيسة الحي وروح العصر”.
٣- قامة وطنية: أوضح قداسة البابا قائلاً:”كان يحب مصر جداً وكانت له مشاركات فعالة في العديد من الفعاليات الوطنية ففي وقت الأزمات كان يعالج الأمور بهدوء وحكمة وبنهجٍ يميل إلى صنع السلام. وتميز بعلاقات طيبة مع المسؤولين بكافة درجات مسؤوليتهم، وحكمته كانت تتجلى بأنه كان يتحدث مع المسؤولين عن الحق بكل وضوح وصراحة بينما يقدم سلامة المجتمع والوطن كأولوية أولى.”.
تعليقات