
انطلقت، اليوم الثلاثاء، فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تحت عنوان “الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر: الطريق إلى نمو مستدام”.
يستمر المؤتمر لمدة يومين في العاصمة الإدارية الجديدة، برعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وإشراف الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، بحضور عدد كبير من المفكرين والخبراء والباحثين وأساتذة الجامعات والطلاب وممثلي الجهات التنفيذية والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.
شهدت الجلسة الافتتاحية إلقاء كلمة مُسجّلة للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حيث عبر عن سعادته بمشاركته في “الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار”، الذي يمثل شراكة متميزة بين واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية في مصر ومركز فكر حكومي رائد.
تباطؤ ملحوظ لمعدلات النمو الاقتصادي
أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تنعقد في ظرف عالمي دقيق للغاية، حيث يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤًا ملحوظًا لمعدلات النمو الاقتصادي بسبب التوترات التجارية المتزايدة وارتفاع مستويات عدم اليقين بشأن السياسات بشكل غير مسبوق، وهو ما يؤثر بصورة كبيرة على قدرة حكومات دول العالم على مواجهة هذه التحديات المركبة، كما أوضح أن النظام الاقتصادي العالمي الذي عملت فيه الدول على مدار الثمانين عامًا الماضية يُعاد تشكيله الآن؛ مما يدل على دخول الاقتصاد العالمي حقبة جديدة لا تزال ملامحها الاقتصادية غير واضحة حتى الآن.
وأضاف رئيس الوزراء خلال كلمته أنه من المتوقع أن تسهم جلسات المؤتمر والإسهامات البحثية المتعددة التي سيناقشها في دعم مسيرة الدولة المصرية نحو تبني سياسات اقتصادية قادرة على التغلب على التحديات والاختلالات التي يواجهها الاقتصاد المصري والمضي قدمًا باتجاه سياسات أكثر فعالية وكفاءة لدعم مسارات النهضة الاقتصادية لبلدنا الحبيب مصر.
اختتم رئيس الوزراء كلمته بتوجيه الشكر والتقدير لجميع القائمين على انعقاد هذا المؤتمر من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والحضور كافة معربًا عن تمنياته بالنجاح والتوفيق لأعمال المؤتمر وتطلعه إلى التوصيات الداعمة لصنع القرار التي ستنبثق عن هذا الحدث المهم.
تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي ومعالجة الاختلالات الهيكلية
كما شهدت الجلسة الافتتاحية أيضًا إلقاء الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي لكلمة مُسجّلة تم بثها خلال المؤتمر؛ حيث أشارت إلى أن الدولة المصرية حققت تقدمًا قويًا خلال السنوات الماضية في مسيرة الإصلاح الاقتصادي بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي ومعالجة الاختلالات الهيكلية وتعزيز صلابة الاقتصاد وقدرته على مواجهة التحديات المختلفة. أكدت أن تلك المسيرة بدأت تتعمق عامًا بعد عام لتحظى بتقدير متنامٍ من جانب المجتمع الدولي والمؤسسات الاقتصادية العالمية. وقد بادرت مؤسسات كبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مؤخرًا برفع توقعاتها للنمو الاقتصادي خلال عامي 2025 و2026 بينما خفضت توقعاتها للنمو في العديد من بلدان العالم بسبب التعقيدات المتزايدة في المشهد الاقتصادي الدولي مما يؤكد فاعلية السياسات الإصلاحية التي تتبناها الدولة المصرية وثقة الشركاء الدوليين فيها.
تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي والهيكلي
أضافت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه يجري العمل لتحقيق تحول جذري في نموذج الاقتصاد المصري للوصول إلى نمو مستدام يعتمد على القطاعات القابلة للتبادل التجاري والتصدير وذلك عبر تحفيز الاستثمار وتوطين الصناعة وتنفيذ إجراءات متكاملة لتعزيز نمو الاقتصاد الوطني وقدرته على امتصاص الصدمات. وأوضحت أنه منذ مارس 2024 تم تنفيذ عدة إجراءات للإصلاح الاقتصادي والهيكلي مما أدى إلى ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025 ليصل إلى 4.3% مقارنة بـ 2.3% في نفس الفترة من العام المالي السابق.
نمو قطاعات النقل والتخزين والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
أكدت “المشاط” أنه رغم إيجابية المؤشرات إلا أن الأهم هو مكون هذا النمو والقطاعات التي شهدت نمواً أكبر؛ حيث جاء النمو في الربع الثاني مدفوعاً بقطاع الصناعات التحويلية غير البترولية الذي سجل معدل نمو قدره 17% خلال الربع الثالث على التوالي مقارنة بانكماش بلغ 11% بنفس الفترة من العام المالي السابق بالإضافة إلى نمو قطاعات النقل والتخزين والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مما يعكس تأثير الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تعزيز الإنتاجية ودعم النمو القائم على الصادرات. ومن جانبه أعرب الدكتور أسامة الجوهري مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عن سعادته بافتتاح فعاليات المؤتمر بالعاصمة الإدارية الجديدة وبالتعاون مع صرح علمي عريق مثل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة مشددًا حرص المركز الكبير على توطيد شراكاته البحثية مع العديد من المؤسسات الأكاديمية لدعم العمل البحثي وتحقيق مستوى مرموق للباحثين وإعداد إسهامات بحثية ذات قيمة مضافة.
“الجوهري” أكد أن انعقاد المؤتمر السنوي هذا العام بعنوان “الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر: الطريق إلى نمو مستدام” يعكس اهتمام المركز كمركز فكر رائد بالإسهامات البحثية التي تستهدف تقديم توصيات عملية لصانع القرار ودعم جهود الدولة المصرية لمواصلة مسيرة الإصلاح بكافة الأصعدة. كما أشار “الجوهري” إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر الذي يأتي في وقت بالغ الأهمية حيث تزداد الحاجة لإصلاحات هيكلية ومؤسسية شاملة تعيد تشكيل أسس النمو وتعزز مناعة الاقتصاد الوطني أمام الصدمات المتعاقبة والتي تشمل تحديات النظام الاقتصادي العالمي الحالي وارتفاع المعدلات الجمركية وما يرتبط بها من تباطؤ اقتصادي عالمي وعدم يقين يسبب ارتباك للحكومات ودوائر الأعمال فضلاً عن التحديات الداخلية للاقتصاد المصري وسعيه لاستعادة توازناته الداخلية والخارجية وتحقيق مستويات نمو شامل ومتوازن ومستدام تلبي طموحات الأجيال الحالية والمستقبلية.
30 باحثًا و27 أستاذًا جامعيًّا و25 خبيرًا اقتصاديًّا
أضاف مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إن أهمية المؤتمر تنعكس أيضًا عبر المشاركات البحثية المقدمة سواءً من قبل الباحثين أو الخبراء المرموقين؛ إذ يشارك فيه 30 باحثاً و27 أستاذاً جامعياً و25 خبيراً اقتصادياً بارزاً عبر ست جلسات بحث تتناول ستة محاور تخص الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية وخمس حلقات نقاش داعمة لأعمال المؤتمر. وتابع “الجوهري” بأن انعقاد هذا المؤتمر يعد منصة بحث مشتركة تجمع الأكاديميين بصناع القرار مما يعكس أهمية وجود قنوات تواصل مستمرة بين الحكومة والمجتمع الأكاديمي وهو ما تجلى بشكل واضح عند خروج الدورة الأولى للمؤتمر بعنوان “صنع السياسات في أوقات المخاطر وعدم اليقين” بتوصيات مهمة تعزز عملية صنع القرار بمصر بمجالات ذات أولوية خاصة أثناء المخاطر وعدم اليقين وتعزز صلابة اقتصادنا وقدرته على مواجهة الأزمات مما يؤكد أهمية نتائج هذا المؤتمر وما سيخرج به من توصيات تدعو الحكومة المصرية للاستمرار بمساعيها نحو الإصلاح الهيكلي والمؤسسي وفق برنامج عمل الحكومة الحالي.
وخلال كلمة له عبر تقنية الفيديو كونفرانس قدم الدكتور محمود محي الدين أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030 عرضا تقديميًا حول آفاق الاقتصاد المصري بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي موضحا أن أولويات ما بعد البرنامج الحالي تتمثل بالنمو والتوظيف وزيادة الاستثمارات وتمويل التنمية وإدارة الدين العام والسيطرة على عجز الموازنة واستهداف التضخم وتحقيق نقلة نوعيه بالصادرات وتسوية أرض الملعب الاقتصادي والمنافسة العادلة وتوطين التنمية المستدامة وتسريع وتيرتها. وأضاف “محي الدين” لتحقيق نمو شامل ومستدام يتطلب الأمر تطوير السياسات العامة لتحقيق استقرار اقتصادي كلي بالسيطرة الفعالة على عجز الموازنة العامة وتنشيط أداء السياسة النقدية باستهداف التضخم وإنجاز أهداف التنمية المستدامة بجانب التركيز على تراكم الاستثمار عبر الزمن بما يشمل الاستثمار بالبشر والبنية الأساسية والاستثمار الأخضر بالإضافة لتعزيز القدرة الوطنية لاستيعاب الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية diversifying economy and enhancing competitiveness through regional cooperation .
حاجة ملحة لإصلاح هيكلي بالمؤسسات
من جهته أشار الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة إلى أنه وسط التحديات السياسية والاجتماعية والبيئية التي تواجهها مصر والدول العربية والعالم أجمع تظهر الحاجة الملحة للإصلاح المؤسسي وهيكلة العديد من القطاعات لتلبية هذه التحديات وتحقيق رفاه الشعوب وكما أكدت الأمم المتحدة ضرورة وجود إصلاح مؤسسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فقد قامت الحكومة المصرية بإطلاق البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية منذ عام 2016 ثم المرحلة الثانية عام 2021. وأوضح “عبد الصادق” أن التعاون بين مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وكلية الاقتصاد والسياسة يمثل منصة علميه هامة لتبادل الأفكار والخبرات بين الأكاديميين وصناع القرار ويعمل كمحفز لجهود الإصلاح الوطني إذ يسعى لتقديم توصيات عملية قابلة للتطبيق بناءً علي الأوراق البحثيه والجلسات النقاشيه مؤكداً ان اهميته تكمن ارتباطه بخبرة الجامعة وبين الدور العملي التطبيقي للمركز كونه مؤسسة وطنیه رائدة . وفي السياق ذاته أوضحت الدكتورة أمنيه حلمى رئيس مؤتمر اليوم وأستاذ الإقتصاد بكلّيّة الإقتصاد والسياسة السابقة أنها تتناول جهود الحكومة المتواصلة للإصلاح الاقتصادى وهيكلة المؤسسات فى ظل الظروف العالمية المعقدة بدءا بجائحة كورونا عام 2020 مرورا بالأزمة الروسية-الأوكرانية وما نتج عنها وصولا لحرب غزة المستمرة حاليا وتأثير كل ذلك علي سلاسل الإمداد والأسعار العالمية للطاقة والغذاء ، مضيفةً بأن هناك مشاركة فعالة لـ30 باحثا اقتصاديا و27 استاذ جامعي و25 خبير اقتصادي كرؤساء للجلسات وحلق النقاش ، فيما اكدت الدكتورة حنان محمد علي القائمة بأعمال عميد كلية السياسة والإقتصاد ان الشراكة مع مركز معلومات دعم اتخاذ القرارات تعتبر نموذجاً مثمراً للتعاون الفعال بين العمل الأكاديمي والممارسات التطبيقیّة حيث يعتبر المركز أحد أهم مراكز الفكر الرائدة فى مصر بينما تُعد الكلية درّة تاج الجامعة والحاصلة علی اعتمادات محلية وعالمیّة بما يضمن لها جودة التعليم.
تعليقات