
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على الصعيدين المحلي والدولي، وصلت أول مجموعة من البيض الأفارقة (الأفريكانرز)، الذين ينحدرون من أصول هولندية، إلى الولايات المتحدة بعد أن منحتهم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفة “لاجئين”، حيث وصفوا بأنهم “ضحايا إبادة جماعية”.
استقبلت مجموعة اللاجئين كبار المسؤولين الأمريكيين في مطار دولس بالقرب من واشنطن، وسط أجواء احتفالية تخللتها مراسم توزيع الأعلام الأمريكية، وهو مشهد اعتبره النقاد تمييزيًا وعنصريًا، ويعكس انتقائية سياسية واضحة في سياسات اللجوء الأمريكية.
وفي تصريحاته خلال حفل الاستقبال بالمطار، قارن نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو محنة الأفريكانرز بمعاناة والده أثناء حكم النازيين، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “ترفض الاضطهاد الصارخ القائم على العرق الذي يحدث في جنوب إفريقيا”.
ومع ذلك، جاء القرار الأمريكي بإعادة توطين البيض الأفارقة متزامنًا مع خطوة مثيرة للجدل أخرى تمثلت في إنهاء الحماية القانونية المؤقتة للاجئين الأفغان، رغم استمرار بلادهم تحت حكم طالبان.
وبررت إدارة ترامب هذا التباين بالقول إن “الأفريكانرز يمكن استيعابهم بسهولة في المجتمع الأمريكي”، مما يُشير بشكل واضح إلى الاعتبارات العرقية والثقافية.
كما دافع ترامب عن قراره قائلًا إنه يمثل “رفضًا للإبادة الجارية”، مشيرًا إلى رواية مؤامرة تتبناها بعض الأطراف من اليمين المتطرف، والتي يدعمها مستشاره المثير للجدل الملياردير إيلون ماسك، الذي وُلد في جنوب إفريقيا.
وأضاف ترامب أنه لن يحضر قمة العشرين المقبلة في جوهانسبرغ ما لم يتم “معالجة الوضع”.
من جانبه، علّق الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا من ساحل العاج بأنه أبلغ ترامب عبر الهاتف بأن المعلومات التي وصلته كانت “مضللة”، وتعتمد على روايات معارضي العدالة الاجتماعية والإصلاحات التي تهدف إلى معالجة إرث الفصل العنصري.
ويُذكر أن البيض في جنوب إفريقيا لا يزالون يمتلكون ثروات تفوق بـ20 مرة ما يملكه السكان السود، بينما تصل نسبة البطالة بين السود إلى 46.1% مقارنة بـ9.2% بين البيض، وفق تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية.
ووصف السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن القرار بأنه “تطبيق لسياسة فصل عنصري عالمية من قبل إدارة ترامب”، مضيفًا أنه يُعتبر “إهانة لفكرة أمريكا كبلد يحتضن المظلومين بغض النظر عن لونهم أو خلفيتهم”.
وسط هذه العاصفة من الجدل والنقاشات المحتدمة حول أخلاقيات سياسات اللجوء في الولايات المتحدة والتوظيف السياسي للهجرة على أسس عنصرية وانتقائية، يبقى السؤال قائمًا حول مصير آلاف الفارين من الحروب والمجاعات الذين يعيشون حالة من الانتظار والترقب للمجهول.
تعليقات