
عقد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، مساء أمس اجتماعًا مع الدكتورة نوريا سانز، مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، والوفد المرافق لها من مكتب المنظمة الإقليمي؛ وذلك لبحث سبل التعاون لدعم أنشطة برنامج “الإنسان والمحيط الحيوي (MAB)” وتعزيز الشراكة بين الجانبين بما يسهم في صون الموارد الطبيعية وحماية التنوع البيولوجي والثقافي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقد تم عقد الاجتماع بمقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وأكد الدكتور أيمن عاشور على أهمية الدور المحوري لمنظمة اليونسكو ومكتبها الإقليمي بالقاهرة في دعم مجالات التربية والعلوم والثقافة، مشيدًا بالعلاقات التاريخية التي تربط مصر باليونسكو منذ أكثر من 75 عامًا، وأكد أهمية التعاون المشترك في تنفيذ أنشطة تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030. كما أشار إلى الدور الحيوي للجنة الوطنية المصرية لليونسكو ومساهمات مصر في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصون الموارد الطبيعية وإشراك السكان المحليين في إدارة وتفعيل أنشطة محميات المحيط الحيوي تحت مظلة برنامج “الإنسان والمحيط الحيوي”، كما أكد على أهمية تعزيز التعاون مع اليونسكو لزيادة عدد محميات المحيط الحيوي وإعداد ملفات ترشيح متنزهات جيولوجية ودعم أنشطة التدريب والرصد والبحث والابتكار بالشراكة مع الشبكات العلمية إلى جانب تعزيز دور المجتمعات المحلية وإنشاء برامج تعليمية ومبادرات للسياحة البيئية تسهم في رفع الوعي بأهمية الحفاظ على الإرث الطبيعي والجيولوجي وخلق فرص عمل خضراء للشباب.
ومن جانبها، استعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد خلال اللقاء رؤية إدارة مصر لمواردها الطبيعية بالتركيز على التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية والاقتصاد الأزرق على المستويات الوطنية والإقليمية ومتعددة الأطراف، موضحةً أن مصر تضم حاليًّا 30 منطقة محمية تغطي 15٪ من مساحتها منها محميات أعلنتها اليونسكو كمناطق تراث طبيعي مثل وادي الحيتان. وأشارت إلى التطور الكبير الذي شهدته مصر في صون الموارد الطبيعية من خلال العمل متعدد الأطراف خاصة بعد رئاستها لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي COP14 في عام 2018 والذي استمر لمدة ثلاث سنوات وأسفر عن إهداء العالم مسودة الإطار العالمي للتنوع البيولوجي الذي تم اعتماده في المؤتمر التالي.
كما سلطت الضوء على الدور الهام لمصر على المستوى الوزاري حيث قادت بالتعاون مع الجانب الكندي مشاورات الوصول إلى إطار عالمي طموح يربط التنوع البيولوجي بتحديات تغير المناخ إدراكاً منها لأهمية الربط بين مسارات اتفاقيات ريو الثلاث. وتطرقت أيضًا لاستضافة مصر لمؤتمر اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث وخطة عمل المتوسط بنهاية العام الحالي والتي ستكون نقطة فارقة لدور مصر الإقليمي خاصةً وسط التحديات البيئية التي تواجه المتوسط.
واستعرضت وزيرة البيئة كذلك الجهود الوطنية لصون الموارد الطبيعية وفي مقدمتها تطوير المحميات الطبيعية والحفاظ عليها وتعزيز الاستثمار فيها لتحقيق استدامتها والتوسع في السياحة البيئية وتهيئة المناخ الداعم لها عبر رحلة مليئة بالتحديات أثمرت عن خطوات مهمة مثل إعلان أول معايير للنزل البيئي في مصر وإنشاء لجنة السياحة البيئية بمشاركة أساسية من القطاع الخاص وقصة نجاح تحويل مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء مما يعكس قدرة مصر على تحويل السياسات إلى إجراءات تنفيذية ملموسة.
كما أكدت الوزيرة على أهمية إشراك المجتمعات المحلية كجزء أساسي من تطوير المحميات عبر خلق فرص عمل تساعدهم على صون تراثهم وتقاليدهم الموروثة والتي تعد جزءًا ساحرًا من طبيعة المكان وقد تم تنفيذ حملة “حكاوي من ناسها” لدعم 13 قبيلة للحفاظ على تراثها وثقافتها. وأضافت وزيرة البيئة أن نجاح الحكومة في خلق بيئة داعمة للسياحة البيئية ساعد بشكل كبير على زيادة عدد الشركات الناشئة ورواد الأعمال والمستثمرين الذين يدركون القيمة المضافة لهذا النوع من الاستثمار.
وأعربت عن فخرها بدعم إنشاء أول منظمة غير حكومية للسياحة البيئية لتكون الدولة هي الداعمة والدافعة للمجتمع المدني للانخراط بهذا النوع من السياحة كما أشارت إلى التعاون مع الجمعية المصرية لحماية الطبيعة لإنشاء موقع لمشاهدة الطيور بالجلالة وتشجيع الشركات السياحية لإدراج نشاط مشاهدة الطيور المهاجرة ضمن برامجها. وأضافت أن الحكومة أتاحت نحو 40 نشاطًا بيئيًا يمكن تنفيذه داخل المحميات منها التزحلق على الرمال والاستمتاع بالطبيعة وإنشاء مراكز بحثية داخل تلك المحميات.
كما أكدت حرص الحكومة على دعم المجتمعات المحلية مشيرةً إلى متابعة رئيس مجلس الوزراء المباشرة لعملية تطوير قرية الغرقانة بمحمية نبق لتوفير حياة كريمة لـ50 أسرة عبر إنشاء مساكن ملائمة لطبيعة المكان بمعايير بيئية حيث تضع مصر الإنسان دائمًا في قلب عملية التطوير. وثمنت وزيرة البيئة المقترحات المقدمة لتعزيز التعاون بين مصر واليونسكو عبر إجراءات تنفيذية مثل دعم الوظائف الخضراء بمجالات السياحة البيئية والاستثمار البيئي والمناخي وإتاحة الفرص لرواد الأعمال ودعم الاقتصاد الأزرق والتعاون لإعلان عددٍ من المحميات المصرية كمناطق “جيوبارك”.
كما رحبت بالمشاركة بالدورة الخامسة للمؤتمر العالمي لمحميات المحيط الحيوي المزمع عقده بالصين لتحديد أولويات الصون ووضع خطة عمل عالمية للعشر سنوات القادمة لمناطق المحيط الحيوي التابعة لليونسكو بـ136 دولة ومساهمتها الفعالة بالتنوع البيولوجي العالمي وأجندة التنمية المستدامة مع توحيد الجهود مع الأطر الرئيسية للعمل مثل الإطار العالمي للتنوع البيولوجي واتفاق باريس للمناخ. كما أعربت عن تطلعها لتشكيل مجموعة عمل مشتركة تضم وزارتي البيئة والتعليم العالي وفريق اليونسكو للخروج برؤية تُعرض بالمؤتمر تعكس الوضع المصري والعربي وخطط التنفيذ المستقبلية.
وتناول الاجتماع سبل تعزيز التعاون مع منظمة اليونسكو ضمن أنشطة برنامج “الإنسان والمحيط الحيوي” ومتابعة الجهود المبذولة بمحميتي العميد ووادي العلاقي باعتبارهما ضمن البرنامج المدعوم. وتمت أيضًا مناقشة مفهوم “الجيوبارك” كأداة لدعم المجتمعات المحلية عبر استثمار التراث الجيولوجي الفريد بأنشطة بيئية واقتصادية مستدامة وفي هذا السياق تم بحث مقترح اليونسكو بإدراج محمية وادي الجمال بمحافظة البحر الأحمر كمحيط حيوى نموذجي نظرًا لتنوعه البايولوجى والبحري والبري والثقافي وتمّت كذلك نقاش إمكانية تأسيس جيوبارك بمحافظة الفيوم لما تتمتع به تلك المنطقة من موارد طبيعية وعددٍ كبيرٍ من المحميات المؤهلة لتكون مقصدًا سياحيًّا بيئيًّا وداعمًا لأهداف التنمية المستدامة.
وخلال الاجتماع تم الاتفاق علي بلورة رؤية إقليمية شاملة لإدارة محميات المحيط الحيوى تقودها مصر بالشراكة بين اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو والمكتب الإقليمى لليونسكو بالقاهرة ووزارة البيئة وممثلى الدول العربية وذلك عبر تنظيم مؤتمر إقليمى يجمع ممثلى جامعة الدول العربية والشركاء الإقليميين بهدف تعزيز التعاون العربي وتوحيد الجهود فى مجال حماية المحيط الحيوى ومن المتوقع عرض هذه الرؤية خلال فعاليات المؤتمر العالمى لمحميات المحيط الحيوى الذى تنظمه اليونسكو فى الصين بالأسبوع الأخير لشهر سبتمبر لعام 2025 حيث تجتمع فيه الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحياتي كل عشر سنوات لوضع الأولويات وتعزيز التعاون الدولي وتحديد خطة العمل المستقبلية.
من جانبها أكدت الدكتورة نوريا سانز حرص المنظمة علي تعزيز تعاونها مع مصر بمجالات حماية البيئة والمحميات الطبيعية مشيدة بدورها الريادى فى دعم برنامج “الإنسان والمحيط الحيوى” مؤكدةً أهمية تبادل الخبرات وتعزيز العمل الإقليمى المشترك بما يسهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة علي المستوى العربي والدولي كما أشارت إلي ان اليونسكو تتبني نهجاً متعدد القطاعات للحفاظ علي التنوع يشمل التنوع البايولوجى والثقافى والجيني والجيولوجى والتزام المنظمة بدعم الدول الأعضاء بحماية مواقع التراث الطبيعي ومحافظات الحياة البحرية والشعاب المرجانية وفقاً لاتفاقيات الدولية الخاصة بهم.
شهد الاجتماع حضور عددٍ من الشخصيات البارزة حيث كان هناك ممثلون عن وزارة التعليم العالي منهم الدكتور أيمن فريد مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل والقائم بأعمال رئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات والإشراف علي اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة والدكتور رامي مجدي مساعد الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو لشؤون الايسيسكو والدكتورة منال فوزى رئيس لجنة “الإنسان والمحيط الحيوى” باللجنة الوطنية المصرية لليونسكو وكذلك حضر الاجتماع ممثلون عن وزارة البيئة منهم الدكتور علي أبو سنة رئيس جهاز شؤون البيئة والدكتورة هدى عمر مساعد وزيرة البيئة للسياحة البيئية والدكتور أحمد سلامة مستشار رئيس جهاز شؤون البيئة والدكتورة سها طاهر رئيس الإدارة المركزية للتعاون الدولي.
تعليقات