
أحدث قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلنه من السعودية يوم الثلاثاء، برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، ضجة كبيرة في الأوساط السياسية سواء في المنطقة أو داخل إدارته، حيث جاء هذا القرار بمثابة تحول جذري في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، البلد الذي يعاني منذ أكثر من 13 عامًا من حرب مدمرة لم تُسبق بأي خطوات تنسيقية داخلية.
ووفقًا لما ذكرته وكالة “رويترز”، أكد أربعة مسؤولين أمريكيين أن كبار العاملين في وزارتي الخارجية والخزانة كانوا في حالة ارتباك شديد، إذ لم تُصدر أي مذكرات أو توجيهات رسمية تسبق إعلان ترامب أو تمهّد له، مما دفعهم للتحرك بشكل عاجل لفهم تبعات القرار وكيفية تنفيذه على أرض الواقع، خاصة وأن بعض هذه العقوبات تعود إلى عقود طويلة مضت.
هذا الارتباك تفاقم بعد لقاء ترامب بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في السعودية يوم الأربعاء، وهو اللقاء الذي جاء دون أي مؤشرات سابقة تشير إلى هذا التوجه الجديد. وقد أشار مسؤولون إلى أن هذه الخطوة الدراماتيكية أربكت حتى أولئك المعنيين بتنفيذ السياسات المتبعة حاليًا، حيث لم يكونوا مستعدين للتعامل مع قرار رفع شامل للعقوبات ولم يعرفوا أي الحزم ستُرفع ومتى ستبدأ العملية.
كما أوضح مسؤول كبير أن البيت الأبيض لم يخطط أو يبلغ الجهات المعنية في الوزارات المختصة بما ينوي الرئيس إعلانه، مما جعل جميع المعنيين يحاولون استكشاف السبل الفنية والقانونية الممكنة لتنفيذ القرار دون توجيه رسمي. وفي وقت سابق، كانت وزارتي الخارجية والخزانة قد أعدّتا سيناريوهات عدة لرفع العقوبات تحسبًا لاحتمال اتخاذ قرار مماثل مستقبلاً بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد نهاية العام الماضي.
ومع ذلك، ظل النقاش قائمًا داخل البيت الأبيض وبين قيادات الأمن القومي وبعض المشرعين حول مدى ملاءمة هذه الخطوة بسبب خلفية الرئيس الشرع وعلاقاته السابقة بتنظيم القاعدة، وهو ما أثار الجدل حول استعداد واشنطن لمنح دمشق فرصة لإعادة دمجها في النظام الدولي. ووفقًا للهيئة التي كان يقودها الشرع والتي أعلنت فك ارتباطها بالتنظيم عام 2016 باعتبارها خطوة نحو الاعتدال السياسي، إلا أن الشكوك ظلت قائمة داخل أروقة الإدارة الأمريكية.
وأفاد مسؤول في البيت الأبيض تحدث إلى “رويترز” بأن تركيا والسعودية ضغطتا على ترامب لرفع العقوبات ولقاء الرئيس السوري الجديد. وأوضح أن ترامب علل قراره بأن سوريا “تستحق فرصة لبناء مستقبل أفضل”، وهو ما أثار موجة من ردود الفعل داخل الإدارة وخارجها بين من رأى في القرار مبادرة لإعادة الاستقرار ومن اعتبره خطوة غير محسوبة المخاطر قد تقوض أدوات الضغط الأمريكية التقليدية. كما يُعتبر هذا التطور مؤشرًا على التغيرات المحتملة في العلاقات الدولية وتأثيرها على الصراعات المستمرة بالمنطقة.
تعليقات