تحديات جديدة تواجه صناع الأفلام الفلسطينيين في ظل الظروف الراهنة

تحديات جديدة تواجه صناع الأفلام الفلسطينيين في ظل الظروف الراهنة

تحت عنوان “السينما الفلسطينية تحت المجهر”، ناقش مركز السينما العربية بالتعاون مع مؤسسة الفيلم الفلسطيني وسوق الأفلام بمهرجان كان السينمائي تاريخ السينما الفلسطينية، وذلك في ندوة مميزة شهدت حضور عدد من الأسماء البارزة في صناعة السينما الفلسطينية، وقد أقيمت الندوة صباح اليوم الجمعة 16 مايو على المسرح الرئيسي.

وفي سياق التحديات التي يواجهها صناع السينما الفلسطينية، أشارت المخرجة مي عودة إلى أهمية الحرية في صناعة الأفلام، حيث قالت “عندما تصنع سينما تحتاج للحرية، وهو ما لا يتوفر لدينا في فلسطين، فلا نستطيع الحركة بحرية، إذا أردت تصوير فيلم لا أستطيع لأني محبوسة في منطقة ولا يمكنك التحرك بحرية لأننا تحت احتلال يرغب في تفريقنا ومهمشون، مما يدمر هويتنا ولا يمكنني رؤية أحد من غزة إلا خارج فلسطين وهو ما لا يساعد لأننا نحتاج للتواصل من كافة المناطق بفلسطين، وهذا ما أحبه فينا كفلسطينيين أننا نفكر خارج الصندوق ونخاطر لتصوير أفلامنا دون أن يخبرني أحد بما هو مسموح أو مرفوض”.

أما المخرجة والممثلة شيرين دعيبس فقد تحدثت عن تجربتها الشخصية قائلة “لا أظن أنه يمكن أن تكون فلسطينياً دون أن تفكر في بلدك، أول تجربة سفر لفلسطين كنت 8 سنوات وتعرضنا للإهانة، فمن المستحيل ألا تفكر في كونك فلسطيني بعد تلك التجربة”.

من جهته، أوضح المخرج ركان مياسي أنه “كل من حولي كان يبحث عن هويته ولم يكن مسموحاً لي بالعودة لفلسطين، وفكرت أنه من الرائع استكشاف فلسطين عبر السينما، وما يميز تجربة صانع الأفلام الفلسطيني هو التحدي غير التقليدي الذي يواجهه، مثلاً فيلم بونبونة كنت أريد العمل مع صالح بكري لكنه لم يكن مسموحاً له السفر إلى لبنان وكان من الضروري استخراج جواز سفر آخر حتى يتمكن من ذلك، كل تلك الصراعات لا يفكر فيها الناس عند صناعة فيلم في مكان آخر”.

في حين أكدت الباحثة اللبنانية رشا السلطي على أهمية فهم السينما الفلسطينية بالقول “لفهم السينما الفلسطينية يجب تذكر أن الذين تعرضوا للاحتلال لم يكن مسموحاً لهم بتصوير أنفسهم أو صنع روايات خاصة بهم وبالتأكيد أفلام لهم .. رشيد هو جزء من الجيل المؤسس للسينما الفلسطينية وهم من ابتكروا طرقاً لصنع أفلام بالتحايل على قيود الاحتلال. الجيل التالي منهم ابتكر أشكالاً سينمائية جديدة وكسروا القواعد. تعتبر السينما الفلسطينية الأكثر تنوعاً في المنطقة حيث تحتوي على الكوميديا والكوميديا السوداء والدراما والرومانسية فهي سينما تعيد إنتاج نفسها”.

وأضافت “عرض أفلام فلسطينية كان تجربة غير تقليدية. عند عرض فيلمي في نيويورك كان معظم الحضور أفراداً يبحثون عن أفلام غير أمريكية. وعندما تم عرض الفيلم الفلسطيني وصفوه بأنه كان معقدًا وإنسانيًا وغير علاقات القوة والنقاشات بعد العرض كانت معقدة وساخنة. تعلمت منها أن أكون أكثر امتنانًا. لقد علمتني السينما الفلسطينية أن أكون أفضل وعند عرضها في المخيمات كانت تجربة مختلفة حيث كانوا يسألون هل يمكننا رؤية أفلام عربية أخرى؟ نرغب في رؤية أماكن أخرى وهذا درس آخر لي”.

كما أكدت رشا السلطي أن “السينما الفلسطينية هي قلب الكفاح الفلسطيني وهي التي تخلق الرموز مثل شجرة الزيتون والبئر والمفتاح”.

أما رشيد مشهراوي فقد تحدث عن تجربته مع المخرجين في غزة قائلاً: “ما نفعله خلال مؤسسة مشهراوي هو أمر فريد. نحن لا نملك قواعد للتصوير لدينا الفكرة ونبدأ التصوير والمونتاج بشكل متزامن. لم يحدث سابقًا أن نتصل لنسأل إذا كان الشخص الذي سيرسل القرص الصلب بين المدن ما زال حيًا أم لا هذه ليست سينما بل رد فعل وأنا مصر على الاستمرار. لقد صنعنا قصصًا شخصية فقط وقصصًا غير مروية كلها صنعت أثناء الحرب طالما الحرب مستمرة فإن مؤسسة مشهراوي مستمرة أيضًا”.

وأردف محمد جبالي قائلاً: “أعتقد أننا نتعلم ذاتيًا من غزة لدي أصدقاء صناع أفلام قتلوا مثل عبود الذي توفي العام الماضي ولدينا الكثير ممن فقدناهم وكان لديهم حياة وقصة. الكاميرا أصبحت وسيلة نجاة للناس هناك حيث تشغل المصور عن تفاصيل الحياة القاسية التي يعيشونها”.

وأكدت مي عودة قائلة: “كصناع سينما فلسطينيين.. نحن غاضبون منذ عامين تركنا العالم وصناع الأفلام هم وزارة الدفاع عن غزة حاليًا مسؤوليتنا هي عرض صورة ما يحدث هناك… بعد الأحداث الأخيرة قمنا بصنع مجموعة أفلام تتحدث عن غزة لأنه يصعب تقبل محاربتنا عبر الصورة وقد أنتجت تلك الأفلام بواسطة مخرجين داخل وخارج فلسطين تظهر حقيقتنا وقصتنا التي يحاول البعض طمسها وكان مذهلًا رؤية فعل الناس وتضامنهم معنا كصانعة أفلام أفكر فيما الفيلم الذي يمكن صنعه بعد تعرضنا لذلك الجرح العميق فنحن نقاوم عبر السينما”.

وبخصوص مستقبل السينما الفلسطينية قالت مي عودة: “علينا مواجهة الحقيقة بأن العالم يتجه نحو اليمين المتشدد والسياسيون يقللون الدعم للسينما ومنظمو المهرجانات يشعرون بالخوف تجاه قبول أفلام فلسطينية وأعتقد أن الوضع أصبح أكثر تحديًا لصناع الأفلام الفلسطينيين وعلينا توفير التمويل والتضامن بعيدًا عن الحكومات حتى لا نتعرض للرقابة وهذا يعد كفاح كبير لأنني أعتقد بأن توزيع وإنتاج الأفلام الفلسطينية لن يعود سهلًا وعلينا مواجهة ذلك”.