
في خطوة أثارت الكثير من النقاشات في الأوساط الاقتصادية والسياسية، أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أمس الجمعة، عن خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة درجة واحدة، حيث انتقل من التصنيف الأعلى “Aaa” إلى “Aa1”.
وقد بررت الوكالة هذا القرار بارتفاع مستويات الدين العام الأمريكي، بالإضافة إلى تكاليف الفائدة التي اعتبرت أنها “أعلى بكثير من الدول الأخرى ذات التصنيف المماثل”.
وفي بيان رسمي لها، أشارت موديز إلى أن الشلل السياسي المتكرر في واشنطن لعب دورًا كبيرًا في هذا التخفيض، حيث أكدت على عجز الإدارات الأمريكية المتعاقبة والكونجرس عن التوصل إلى اتفاقيات فعالة لمعالجة العجز المالي السنوي الضخم وتزايد أعباء خدمة الدين.
من جهة أخرى، قام مدير الاتصالات بالبيت الأبيض ستيفن تشيونج بنقد الخبير الاقتصادي في موديز مارك زاندي عبر منصات التواصل الاجتماعي، واصفًا إياه بأنه خصم سياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تجدر الإشارة إلى أن هذا القرار جاء بعد أشهر قليلة فقط من قيام وكالة “فيتش” بخفض تصنيفها للولايات المتحدة في أغسطس 2023، حيث انخفضت الدرجة الممتازة إلى مستوى أقل استنادًا إلى توقعات بتدهور المؤشرات المالية الأمريكية. وقد ارتبط ذلك أيضًا بالاضطرابات المتكررة حول سقف الدين، وهي مسألة شهدنا تكرارها في السنوات الأخيرة وقد هددت أحيانًا بإغلاق الحكومة أو التخلف عن سداد الالتزامات.
وكانت “فيتش” قد أعربت حينها عن قلقها تجاه طبيعة النقاشات السياسية المحيطة بقضية سقف الدين. إذ اعتبرت أن عدم اليقين السياسي أصبح عاملاً جوهريًا يؤثر على تقييم الجدارة الائتمانية الأمريكية.
التصنيف الائتماني يُعد مؤشرًا بالغ الأهمية في الأسواق العالمية، فهو يؤثر بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض للدولة وثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد الأمريكي. إن خفض التصنيف قد يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار الفائدة على السندات الأمريكية، مما يفاقم عبء الدين ويزيد الضغوط على الموازنة العامة للدولة.
بلغ الدين القومي الأمريكي في عام 2024 أكثر من 34 تريليون دولار، بينما تستمر الحكومة في إنفاق مبالغ كبيرة على البرامج الاجتماعية والدفاعية. وفي ظل الانقسام السياسي الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين، يصبح تمرير إصلاحات ضريبية أو تقليص كبير للنفقات أمرًا صعب التحقيق.
رغم أن الولايات المتحدة لا تزال تُعتبر واحدة من أقوى الاقتصادات عالميًا، فإن تحذيرات وكالات التصنيف تعكس المخاطر الهيكلية المتزايدة التي تواجه المالية العامة للدولة. كما أن استمرار العجوزات الضخمة وغياب توافق سياسي واضح بشأن الخطط الاقتصادية للإصلاح على المدى المتوسط والطويل يزيدان من حدة هذه المخاوف.
تعليقات