
في خطوة جديدة تثير الكثير من التساؤلات حول أهدافها الحقيقية، أعلن المدير التنفيذي لمؤسسة “غزة الإنسانية”، جاك وود، عن قرب بدء تطبيق آلية أمريكية-إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، وذلك في ظل حصار خانق مستمر منذ أكثر من عشرة أسابيع، ودون أي مشاركة من الأمم المتحدة أو وكالاتها الإنسانية المعتمدة.
وفي مقابلة مع “سي إن إن” الأمريكية، أوضح وود أن المؤسسة التي يديرها ستبدأ بتوزيع المساعدات قبل نهاية الشهر الجاري عبر أربعة مراكز توزيع (ثلاثة منها في جنوب غزة وواحد في وسطها)، مع الإشارة إلى أن إسرائيل وافقت لاحقًا على فتح مركزين في شمال القطاع حيث لا تزال الكثافة السكانية والاحتياجات الإنسانية في أعلى مستوياتها.
ورغم وصفه للوضع في غزة بأنه “طارئ بوضوح”، أقر وود بأن الخطة لن تغطي سوى 60% من السكان في البداية، وأن الهدف هو تقديم نحو 300 مليون وجبة خلال أول 90 يومًا، وهو ما اعتبره غير كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
الجدير بالذكر أن خطة المساعدات الجديدة تمضي قدمًا دون موافقة الأمم المتحدة أو وكالاتها الإنسانية الكبرى، والتي أكدت مرارًا عدم وجود دليل على “استيلاء حماس على المساعدات”، مشيرة إلى أن هذه الخطة قد تسهم فعليًا في تهجير السكان الفلسطينيين وتعقيد الكارثة الإنسانية المستمرة.
وفي هذا السياق، كتب توم فليتشر، رئيس مكتب الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة، على منصة “إكس”: “لا نحتاج إلى آلية جديدة بل إلى فتح المعابر واحترام خطة التوزيع القائمة بالفعل”.
وينظر البعض إلى تركيز الخطة الجديدة على جنوب القطاع وتأخر إنشاء مراكز في شمال غزة باعتباره تواطؤًا ضمنيًا مع سياسة إسرائيل العلنية بترحيل السكان شمالاً كما صرح بذلك وزير الدفاع الإسرائيلي سابقًا.
وفي محاولة لنفي الاتهامات المتعلقة بالخطة، شدد جاك وود على أنه “يرفض تمامًا أي خطة تتضمن التهجير القسري للفلسطينيين”، مضيفًا أن اعتراضات المجتمع الإنساني “نابعة من معلومات مغلوطة”، مثل مزاعم التنسيق المباشر مع الجيش الإسرائيلي أو مشاركة البيانات البيومترية معه.
لكن رغم هذه التصريحات فإن المؤسسة ستعمل تحت حماية شركة أمنية أمريكية خاصة وهي نفس الشركة التي شاركت في مراقبة معبر غزة خلال الهدنة السابقة وستكون مسؤولة عن مرافقة الشاحنات وليس توزيع المواد الغذائية مباشرة.
وتعتبر هذه الخطة بمثابة أداة جديدة لإدارة الاحتلال للأزمة الإنسانية في غزة عبر واجهات غير حكومية وسط تجاهل كامل لنداءات فلسطينية وأممية تطالب بفك الحصار وليس فقط “إدارته”.
كما يثير غياب الشفافية والتنسيق مع الاحتلال وتحجيم دور المؤسسات الدولية مخاوف كبيرة من تحول المساعدات الإنسانية إلى أداة ضغط سياسي لتكريس التهجير وتهميش دور الفلسطينيين في إدارة شؤونهم الخاصة.
تعليقات