حراس الأرواح في حمامات السباحة والشواطئ بالغردقة: تقديم خدماتهم من 9 صباحًا حتى 6 مساءً لضمان سلامتك

حراس الأرواح في حمامات السباحة والشواطئ بالغردقة: تقديم خدماتهم من 9 صباحًا حتى 6 مساءً لضمان سلامتك

على شواطئ الغردقة الساحرة، وبين حمامات السباحة اللامعة، نجد شبانًا يرتدون الزي الأصفر الموحد، لكنهم لا يحملون أدوات ضيافة، بل يتحملون مسؤولية كبيرة تتمثل في إنقاذ الأرواح. هؤلاء هم “اللايف جاردز” أو المنقذون، الذين أصبحوا جزءًا أساسيًا في القرى والمنتجعات السياحية بالبحر الأحمر، ودورهم لا يقتصر على المراقبة فقط، بل يتجاوز ذلك إلى حماية النزلاء واليقظة لأي خطر محتمل، خاصة في أوقات الازدحام ووجود الأطفال في المياه، وبين أجواء الفخامة التي تقدمها القرى السياحية في الغردقة، نجد شابًا بملابس صفراء ونظارة شمسية وصفارة لا تفارقه، يراقب كل حركة في حمام السباحة أو على الشاطئ باحترافية وهدوء، فهو أحد الأبطال المجهولين الذين يحافظون على الأرواح بصمت، ويشكلون خط الدفاع الأول ضد الغرق والحوادث المفاجئة.

رصدت “إقرأ نيوز” بالصور مهمة اللايف جارد، والتي تبدأ يوميًا من التاسعة صباحًا وحتى السادسة مساء، حيث يقفون على أبراج المراقبة العالية أو بجوار حمامات السباحة وعلى الشواطئ الخاصة، ينظرون بعين حادة لكل حركة، ولا تفوتهم لحظة سهو أو تصرف طائش قد يعرض حياة أحد النزلاء للخطر، فهم في حالة استعداد دائم، بين صفارة الإنذار التي تتدلى على صدورهم، وعوامات الإنقاذ المعلقة على أكتافهم، وعيون لا تنام طوال ساعات النهار.

أكد حسام صالح، نائب مدير أحد المنتجعات السياحية الكبرى بمنطقة سهل حشيش بالغردقة، أن فرق الإنقاذ تنتشر بشكل مدروس في المنتجعات الكبيرة التي تضم حمامات سباحة متنوعة الأعماق، حيث يتم تخصيص منقذ واحد إلى ثلاثة منقذين أو أكثر لكل حمام سباحة حسب حجمه وعمقه وعدد مستخدميه، كما يتم مضاعفة أعداد اللايف جاردز في العطلات الرسمية أو مواسم الإجازات لضمان السيطرة الكاملة.

وأشار صالح إلى أن الأطفال النزلاء مع أسرهم يمثلون التحدي الأكبر أمام رجال الإنقاذ، لذلك تخصص الفنادق منقذين مدربين على التعامل مع سلوكيات الأطفال داخل المياه، وعلى دراية بكيفية التصرف السريع في حالات التشنج أو الغرق أو الذعر المفاجئ، كما تُمنع الألعاب أو العوامات الكبيرة دون إشراف، ويتم التنبيه المستمر من قبل اللايف جارد على أولياء الأمور بضرورة مرافقة أبنائهم أو تركهم تحت إشراف المنقذين فقط داخل المسابح الخاصة بهم، ومع تطور الثقافة الفندقية، أصبح إدارات الفنادق تدرك أن اللايف جارد ليس مجرد وظيفة جانبية، بل عنصر أساسي في منظومة السياحة الآمنة، لذلك يشترط على كل من يلتحق بهذه المهنة أن يكون حاصلاً على دورة تدريب معتمدة من الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ أو منظمات دولية مشابهة، تشمل التدريب على السباحة لمسافات طويلة، الإسعافات الأولية، التنفس الصناعي، والإنقاذ في المياه العميقة، كما يخضع العاملون لتجديد شهاداتهم بصفة دورية واختبارات لياقة طبية وبدنية مستمرة.

وأوضح أحمد سعد، الذي يعمل لايف جارد بفندق بالغردقة، أن عملهم لا يقتصر على التدخل في الحوادث فقط، بل يبدأ قبل وقوعها، فهم يتولون مراقبة تصرفات النزلاء، يمنعون القفزات العشوائية، ويوجهون الأطفال، كما يمنعون السباحة في المناطق غير المخصصة، ويقومون كل صباح بتفقد عمق ونظافة المياه، والتأكد من سلامة المعدات حول حمامات السباحة، وجاهزية أدوات الإنقاذ مثل الطوق والعوامة والحبل الطويل ولوح الطفو، ورغم صعوبة المهمة، فإن رجال الإنقاذ يؤدون عملهم بابتسامة هادئة واحترام كامل للنزلاء، وحرص دائم على كسب ثقتهم، ولا يتدخلون إلا عند الحاجة، ويظلون في الظل مستعدين لمواجهة أي خطر، ورغم غياب الأضواء عنهم، فإن شهادات السياح دائمًا ما تشيد بدورهم، حيث يؤكد الكثير من السياح الأجانب والعائلات المقيمة أن إحساسهم بالأمان يبدأ من لحظة رؤية المنقذ يقف على برج مراقبة أو يتحرك بثبات بجوار حمام السباحة، فهم موجودون في كل مكان، على أبراج المراقبة، بجوار حمامات السباحة، على الشواطئ، وأمام مناطق الألعاب المائية، ومهمتهم الأساسية هي سلامة النزلاء قبل كل شيء.

وأكد محمد خالد، مسؤول فريق الإنقاذ بأحد الفنادق بمرسى علم، أن زيادة الإقبال السياحي على الغردقة ومرسى علم وارتفاع نسبة الإشغال بالفنادق والمنتجعات، جعل إدارات القرى السياحية تحرص على التوسع في توظيف “لايف جاردز” محترفين، موزعين بدقة على حمامات السباحة للكبار والصغار، والشواطئ الخاصة، وحتى داخل الحدائق المائية، ولا يُسمح لأي شخص بالعمل كمنقذ في القرى السياحية دون الحصول على دورات تأهيل معتمدة من الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ أو منظمات الإنقاذ الدولية، ومن أهم الشروط إجادة السباحة لمسافات طويلة وتحمل الغوص واجتياز اختبارات اللياقة البدنية والطبية، وإتقان مهارات الإسعافات الأولية والتنفس الصناعي، والتعامل مع المواقف الطارئة بسرعة وحكمة، كما يخضع اللايف جارد لتدريبات دورية وإعادة تقييم كل موسم لضمان استمرار جاهزيته البدنية والذهنية.

وأكدت سيدة ألمانية تقيم منذ أسبوع في أحد فنادق الغردقة أنها تشعر أن أطفالها في أيدٍ أمينة، فاللايف جارد يتابعهم لحظة بلحظة ولا يترك لهم مجالًا للتهور، بينما يقول سائح روسي: “رأيت بعيني تدخلًا سريعًا من منقذ أنقذ طفلًا قبل أن يغوص في العمق، لم يكن هناك صراخ ولا فوضى، بل إنقاذ احترافي سريع”

وأكد محمد حمدي، مدير أحد الفنادق بالغردقة، أن وجود اللايف جاردز على الشواطئ وحمامات السباحة بالقري السياحية جزء لا يتجزأ من منظومة السياحة الآمنة، حيث يمنح وجودهم النزلاء طمأنينة خاصة، خصوصًا العائلات التي تصطحب أطفالها، فهؤلاء لا يعملون فقط، بل هم العين الساهرة التي تمنح الضيوف الثقة والراحة، ولهذا نحرص على تدريبهم باستمرار وتكريم المتميزين منهم، فهم لا يلفتون الأنظار، لكنهم موجودون في كل مكان، على أبراج المراقبة، بجوار حمامات السباحة، على الشواطئ، وأمام مناطق الألعاب المائية، ومهمتهم الأساسية هي سلامة النزلاء قبل كل شيء، كما تولي الفنادق اهتمامًا خاصًا بحمامات السباحة الخاصة بالأطفال، حيث يتم تعيين منقذين متخصصين في التعامل مع الصغار، مدربين على فهم سلوك الأطفال داخل المياه، والتدخل السريع في حال انزلاق أو تشنج أو ذعر مفاجئ، وفي حمامات السباحة الكبيرة، يتوزع اللايف جاردز على أبراج مراقبة توفر لهم رؤية شاملة، ويظلون في حالة تأهب دائم، لا يشغلهم شيء سوى سلامة النزلاء، ويظل اللايف جارد أحد أعمدة التجربة السياحية الآمنة التي تقدمها الغردقة، فلا فخامة الإقامة ولا جمال الشاطئ يكفيان وحدهما ما لم يكن هناك من يحرس الأرواح ويضمن للنزيل أن يترك أطفاله يسبحون بلا خوف، وفي النهاية، اللايف جارد هو أكثر من مجرد وظيفة، إنه ضمير السياحة الصامت وحارسها الأمين.