
للمرة الثانية خلال أقل من عام، يتم استغلال لوحة «العشاء الأخير»، التي تحمل قدسية كبيرة في التراث المسيحي، حيث تجسد اللحظة التاريخية للسيد المسيح مع تلاميذه، بشكل يثير غضب المسيحيين، وخاصة الشرقيين منهم.
إحدى شركات الإعلان الفلسطينية المتخصصة في تصنيع وتسويق الأغذية قامت بتعميم إعلان يتضمن منتجاتها الغذائية، حيث استخدمت لوحة «العشاء الأخير»، ولكنها استبدلت رؤوس الشخصيات برؤوس خراف وضعت أكياس شيبسي على الطاولة، مما أثار استياء وغضب المسيحيين، خاصة الفلسطينيين الذين اعتبروا ذلك إساءة واضحة للرموز الدينية المسيحية وللعقيدة والإيمان المسيحي.
وعبر العديد من المسيحيين اليوم السبت، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استيائهم، مؤكدين أنه من المؤسف رؤية شركة تستخدم لوحة «العشاء الأخير»، التي تمثل لحظة مقدسة في التراث المسيحي، في دعاية تجارية، حيث وصفوا هذا التصرف بأنه استهانة بالمشاعر واستغلال مسيء لرمز ديني مقدس في إعلان سطحي.
وأشاروا إلى أن مثل هذه الإعلانات تُعتبر إساءة صريحة وتتنافى مع القيم المهنية والأخلاقية في التسويق والإعلام.
من جهته، رفض المطران عطا الله حنا، مطران القدس ورئيس أساقفة «سبسطية» للروم الأرثوذكس في فلسطين، إعلان الشركة الذي يحاكي طقس «العشاء الأخير» في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والذي يظهر السيد المسيح وتلاميذه أثناء تناولهم الطعام.
وأكد مطران القدس، في بيان رسمي له اليوم السبت، أن «العشاء الأخير ليس رمزًا دينيًا فحسب، بل هو إيمان وعقيدة، وما قامت به هذه الشركة يعتبر إساءة واضحة للمسيحيين وإيمانهم»، متابعًا: «هذا عمل مرفوض ومستنكر، وخلال الساعات الماضية صدرت مواقف مستنكرة من جهات فلسطينية رسمية وشعبية ومن كافة مكونات شعبنا الفلسطيني».
وأضاف بيان أسقف القدس: «نشكر جميع أبناء شعبنا الفلسطيني، مسيحيين ومسلمين، الذين أعلنوا بوضوح رفضهم لهذه الإساءة، كما نقدر موقف الشركة التي اعتذرت، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، ونحيي اللجنة الرئاسية على دورها واتصالاتها لاحتواء هذا الموقف، خاصة وأن هذه الإساءة المرفوضة تدعونا جميعًا كفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، إلى التحلي بالوعي والحكمة ورفض أي إساءة لأي ديانة أو رموز دينية، فيجب أن تُحترم التعددية الدينية كإثراء لمجتمعنا، ولا يجوز قبول أي توجهات عنصرية تبث الفتن والكراهية، فخطابنا يجب أن يكون دائمًا خطاب المحبة والأخوة واحترام الآخر».
يذكر أنه في العام الماضي، وتحديدًا خلال حفل افتتاح أوليمبياد باريس 2024، قام القائمون على تنظيم الحفل بتجسيد مشهد «العشاء الأخير» للسيد المسيح مع تلاميذه، مما أثار حفيظة المسيحيين في جميع أنحاء العالم، وأصدروا بيانات غاضبة في ذلك الوقت.
وقالت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حينها: «المؤسف أن الطريقة التي قدم بها هذا المشهد تحمل إساءة بالغة لأحد المعتقدات الدينية الأساسية التي تقوم عليها المسيحية، ومن العجيب أن نرى هذا المشهد في افتتاح الأوليمبياد، في الوقت الذي تتعارض فيه مثل هذه الأفعال مع ميثاق الأوليمبياد والقيم الأساسية المعلنة له، التي تدعو إلى احترام المبادئ الأخلاقية العالمية وقيمة تقديم القدوة الحسنة، واحترام الجميع دون تمييز، وهو ما رأينا عكسه في حفل الافتتاح المذكور، في سبيل دفع أجندات فكرية بعينها تخدم تيارات لا علاقة لها بالرياضة، التي ينبغي أن تجمع، لا أن تفرق».