
على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات الذي يُعقد في نيس، نظم الاتحاد من أجل المتوسط فعالية بعنوان «رسم الطريق نحو اقتصاد أزرق مستدام: منطقة المتوسط تقود الطريق»، حيث تم تسليط الضوء على دور المنطقة في تعزيز الاستخدام المستدام للموارد البحرية، بالإضافة إلى دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وقد استعرض المشاركون من مسؤولين حكوميين ووكالات إنمائية وشبكات إقليمية وجهات فاعلة في القطاع الخاص والمجتمع المدني، آليات تمويل مبتكرة وتقنيات متطورة ومبادرات قابلة للتكرار.
وقد تم اختيار محطة معالجة مياه الصرف الصحي وإدارة الحمأة في شرق الإسكندرية بمصر، التي من المتوقع تشغيلها عام 2028، لتكون من بين أول المشاريع التي ستحصل على دعم مالي من الشراكة المتوسطية الزرقاء، وهو صندوق متعدد المانحين أطلقه الاتحاد من أجل المتوسط بهدف تعبئة الاستثمارات لمبادرات الاقتصاد الأزرق المستدام في منطقتي جنوب المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى المشروع المصري، تتضمن الحزمة الاستثمارية الأولى إنشاء أول مزرعة رياح بحرية في المغرب ومبادرة لإعادة تأهيل النظام البيئي المرجاني في الأردن.
تمت مناقشة مجالات التعاون ذات الأولوية بين الدول الأعضاء في الاتحاد، والتي تضم 43 دولة، حيث شملت التجمعات البحرية وإزالة الكربون وحماية التنوع البيولوجي البحري وتوفير الوظائف الزرقاء وتعزيز الطاقة المتجددة والسياحة المستدامة ومنع التلوث ودعم الاقتصاد الدائري، وقد تم تعبئة أكثر من 500 مليون يورو لتمويل أكثر من 250 مشروعًا إقليميًا منذ عام 2015.
كما نظم الاتحاد من أجل المتوسط جلسة حوارية تحت عنوان «رسم الطريق نحو اقتصاد أزرق مستدام: منطقة المتوسط تقود الطريق»، حيث تم تناول موضوع التمويل والابتكار كعناصر أساسية لتعزيز التحول نحو الاقتصاد الأزرق المستدام، وذلك ضمن فعاليات يوم المتوسط المصاحب للدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات في نيس الفرنسية.
ألقى كلمات الافتتاح كل من مفوض الاتحاد الأوروبي لمصائد الأسماك والمحيطات كوستاس كاديس، ووزيرة التحول البيئي الإسبانية سارة آخيسين، والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كامل، ومفوض البيئة في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في الأردن أيمن سليمان، كما ناقش أعضاء «مجتمع الاقتصاد الأزرق المستدام الأورومتوسطي» آخر التطورات لدفع التحولات الزرقاء والخضراء المستدامة قدمًا في المنطقة.
تركزت المناقشات على استعراض آليات التمويل المبتكرة التي تتماشى مع الأولويات المحددة في الإعلان الوزاري لعام 2021 بشأن الاقتصاد الأزرق المستدام، مما يعزز مكانة الاتحاد من أجل المتوسط كمحفز رئيسي للاستثمارات في هذا المجال الحيوي.
وقد أعلنت إسبانيا رسميًا اليوم عن تقديم 8.5 مليون يورو للشراكة المتوسطية الزرقاء، لتضاف إلى صفوف الجهات المانحة مثل السويد وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، ليصل إجمالي المبلغ المتاح للصندوق إلى 22 مليون يورو، حيث ستخصص هذه التمويلات لدعم المساعدات الفنية ومنح دراسات الجدوى للمشروعات، وخاصة تلك التي قد تواجه صعوبة في الحصول على قروض من مؤسسات التنمية الدولية والمصارف متعددة الأطراف.
تم الإعلان عن المشاريع الثلاثة الأولى التي سيتم تنفيذها من خلال هذا الصندوق، حيث ستتمكن محطة شرق الإسكندرية لمعالجة مياه الصرف الصحي وإدارة الحمأة، المتوقع تشغيلها بحلول عام 2028، من معالجة 300 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي يوميًا، مما يعزز إدارة الصرف الصحي الآمن لما يقارب 1.5 مليون نسمة ويساهم في الحد من التلوث في المنطقة.
أيضًا، سيمول الصندوق مشروع مزرعة الرياح البحرية بالقرب من الصويرة، وهو الأول من نوعه في المغرب، والذي سيمكن من توليد ما يصل إلى 1000 ميجاوات، ومن المتوقع أن يبدأ العمل فيه بحلول عام 2029.
سيساعد الصندوق أيضًا مشروع ترميم واحة أيلة في خليج العقبة الأردني على استعادة النظام البيئي المرجاني وبناء نظام تخزين الطاقة الحرارية، حيث يُتوقع أن يزداد الغطاء المرجاني بنسبة 240% بينما سيقلل نظام تخزين الطاقة الحرارية من استهلاك الطاقة الكهربائية بأكثر من 1.2 مليون كيلوواط ساعة سنويًا.
كما تم التركيز في الحدث على مجالات أخرى ذات أولوية للاقتصاد الأزرق المستدام في المنطقة الأورومتوسطية مثل التجمعات البحرية وإزالة الكربون والوظائف الزرقاء والطاقات المتجددة والسياحة المستدامة ومنع التلوث، وقد أبرز المشاركون كيفية مساهمة التقارب المستمر بين الموارد التقنية والمالية والبشرية في هيكلة الجهود الإقليمية للاقتصاد الأزرق المستدام، مما أدى إلى تحقيق نجاحات بين التجمعات البحرية الإقليمية التابعة لمشروع «كول مي بلو» والجهود المدعومة من برنامج أنترّيج الأورومتوسطي و«نكست ميد» للحد من القمامة البحرية وبرامج التعليم العالي المتخصصة، وغيرها من المبادرات.
منذ أول إعلان وزاري للاتحاد من أجل المتوسط بشأن الاقتصاد الأزرق المستدام عام 2015، تم تعبئة أكثر من 500 مليون يورو لدعم أكثر من 250 مشروعًا إقليميًا، مما جعل الاقتصاد الأزرق المستدام حجر الزاوية للتعاون والشراكات الأورومتوسطية.
من جانبه، أكد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كامل: «لا شك أن مجتمعنا الغني بالاقتصاد الأزرق المستدام يشكل مصدر إلهام لأجزاء أخرى من العالم، لقد لعب الاتحاد من أجل المتوسط دورًا رائدًا في إقامة وتعزيز الحوار السياسي والتقني حول الاقتصاد الأزرق المستدام على المستوى الإقليمي، وينبغي الاحتفاء بالمبادرات الأورومتوسطية الناجحة التي تم تسليط الضوء عليها اليوم، ففي مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية، يعد الاقتصاد الأزرق المستدام قوة توحدنا على الرغم من اختلافاتنا، ونظل ملتزمين باستخدام موقعنا كمنصة للدول الأعضاء الـ 43 في الاتحاد من أجل المتوسط ولعدد لا يحصى من الجهات المعنية القطاعية لحشد المزيد من الاستثمارات في المنطقة وتعزيز التنمية المستدامة والمنصفة».