وزير الري يحذر: بناء السدود الأحادية في دول منابع النيل يهدد استقرار المنطقة

وزير الري يحذر: بناء السدود الأحادية في دول منابع النيل يهدد استقرار المنطقة

شارك الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، في احتفال رفيع المستوى بالعاصمة الفرنسية باريس، وذلك بمناسبة مرور 50 عامًا على انطلاق «البرنامج الهيدرولوجي الدولي»، حيث تمت دعوة عدد محدود من الوزراء البارزين من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في هذه المناسبة الهامة.

أشار وزير الري إلى أن قضية المياه أصبحت من أكثر القضايا إلحاحًا على مستوى العالم، وأن العلم ليس مجرد رفاهية بل ضرورة حتمية لتحسين إدارة الموارد المائية وتعظيم كفاءة استخدامها، كما أضاف أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر تتمثل في اعتماد البلاد شبه الكلي على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية، ومع انخفاض نصيب الفرد إلى نحو نصف المعدل العالمي الآمن الذي يُعتبر مرجعًا دوليًا لقياس الندرة المائية الشديدة.

وأضاف سويلم في كلمته خلال الاحتفالية أن مصر باتت من بين الدول الأشد ندرة في المياه، مما يتطلب تبني سياسات مائية تركز على الكفاءة والابتكار والاعتماد على الحلول العلمية، مؤكدًا أن السياسة المصرية ثابتة في دعم التعاون والتكامل الإقليمي، سعيًا لتحقيق الازدهار لجميع دول حوض النيل.

وأوضح وزير الري أن مصر تقدر وتدعم جهود منظمة اليونسكو والبرنامج الهيدرولوجي في تنفيذ مشروع FRIEND-Nile، الذي يُعتبر منصة محورية للتعاون العلمي والبحث الهيدرولوجي وتبادل البيانات بين دول حوض النيل، مشيرًا إلى مجالين يمكن أن يساهما في تعزيز التعاون الإقليمي وهما التنبؤ الهيدرولوجي والمياه الخضراء.

وأشار سويلم إلى أن التباين المناخي الكبير في دول الحوض، بجانب الأنماط المطرية غير المنتظمة وزيادة الطلب على المياه وغياب تبادل البيانات بين الدول، كلها عوامل تستدعي الاعتماد على نمذجة هيدرولوجية متقدمة وتوقعات مناخية دقيقة، حيث توفر هذه الأدوات العلمية لغة مشتركة للحوار وأساسًا لفهم متبادل ومتوازن لاحتياجات دول المنبع والمصب، مما يدعم بناء الثقة وتنسيق تشغيل السدود وإعداد خطط للتعامل مع الجفاف.

وأكد وزير الري أن الإجراءات الأحادية لإقامة السدود في دول منابع النيل تقوض الثقة وتُهدد الاستقرار الإقليمي، مشيرًا إلى أن غياب التشاور بين دول الحوض يعرض حياة ملايين السكان في دول المصب للخطر، كما أن المرحلة التاسعة من البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو تحت شعار «العلم من أجل عالم آمن مائيًا في بيئة متغيرة» تمثل دعوة واضحة لتوظيف البحث العلمي والابتكار في خدمة الأمن المائي.

ولفت سويلم إلى أن أولويات هذه المرحلة تشمل البحث العلمي والابتكار والتعليم في ظل الثورة الصناعية الرابعة، والمعرفة القائمة على البيانات، والإدارة المتكاملة للموارد المائية، والحكم القائم على العلم، وهي جميعها أدوات عملية لا غنى عنها لتحسين مستقبل المياه عالميًا.

وفيما يخص المياه الخضراء، وهي مياه الأمطار التي تخزن في التربة وتستخدم من قبل النباتات والزراعات، أشار وزير الري إلى أنها المصدر الأساسي للرطوبة في 80% من الزراعة العالمية وتدعم الأمن الغذائي لمليارات البشر، مؤكدًا أن غياب المياه الخضراء عن استراتيجيات المياه الوطنية والإقليمية يُعد ثغرة ينبغي تداركها عبر نهج شمولي على مستوى حوض النيل، يدمج المياه الخضراء في التخطيط الهيدرولوجي والسياسات الزراعية وجهود الحفاظ على النظم البيئية واستراتيجيات بناء السلام.