دراسة جديدة: نصف طلاب مصر قد يواجهون خطر الإصابة بالسكري خلال العقد المقبل

دراسة جديدة: نصف طلاب مصر قد يواجهون خطر الإصابة بالسكري خلال العقد المقبل

بدأت فعاليات المؤتمر العاشر للجمعية العلمية للسكر والغدد الصماء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تجمع فيه خبراء وأطباء من مختلف الدول لتبادل المعرفة والاطلاع على أحدث ما توصل إليه العلم في مجال تشخيص وعلاج مرضى السكر والغدد الصماء، وقد شهد المؤتمر، الذي يُعتبر من أبرز الفعاليات الطبية في المنطقة، مشاركة مكثفة من الأطباء وأساتذة الجامعات من مصر والدول العربية والأوروبية، بالإضافة إلى جلسات علمية مباشرة عبر الإنترنت من دول متعددة، وأوضح الدكتور سيد عبدالفتاح، رئيس أقسام الباطنة بكلية طب جامعة الدلتا ورئيس الجمعية، أن المؤتمر في نسخته العاشرة يحظى بأهمية خاصة نظرًا لارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكر في المنطقة، حيث تحتل مصر المرتبة التاسعة عالميًا في نسب الإصابة، ومن المتوقع أن تتقدم إلى المرتبة السادسة بحلول عام 2050 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية شاملة.

كما أكد أن عدد الأطباء المشاركين في ورش العمل بالمؤتمر تجاوز 1000 طبيب، بينما حضر نحو 120 أستاذًا، سواء بشكل مباشر أو عبر البث من الخارج، مشيرًا إلى أن المؤتمر لا يركز فقط على مرض السكر بل يتناول أيضًا الأمراض المرتبطة مثل أمراض القلب والكلى والكبد، بهدف بحث سبل الوقاية من المضاعفات المزمنة للمرض.

وأضاف عبدالفتاح: «أجرينا أبحاثًا على طلاب لا يعانون من أي أمراض، ووجدنا أن 52% منهم لديهم قابلية للإصابة بالسكري خلال 5 إلى 10 سنوات، مما يُعتبر مؤشرًا خطيرًا على مستقبل الصحة العامة في البلاد».

وشدد على ضرورة التحرك الحكومي والاجتماعي لمواجهة هذه التحديات من خلال التثقيف الصحي، وتضمين التربية الرياضية في المدارس، وتنظيم النوم ليلاً، والابتعاد عن أنماط الحياة الحديثة غير الصحية التي تشمل السهر وقلة الحركة والاعتماد على الوجبات الجاهزة.

وذكر عبدالفتاح أن المؤتمر يتناول تطورات علاج مرض السكر بشكل موسع، خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا الإنسولين ومضخات الإنسولين والتغذية العلاجية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للسكري، كما يُسلط الضوء على ارتفاع معدلات الإصابة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تُعتبر من أعلى المناطق عالميًا في نسب الإصابة المتوقعة خلال السنوات العشر القادمة.

وأشار إلى أن المؤتمر بدأ بجلسات علمية تناولت أحدث الإرشادات والتوصيات لعلاج مرض السكر، بمشاركة مجموعة من كبار الأساتذة من الجامعات المصرية والعربية، تلتها جلسات تفاعلية ضمت أكثر من 15 أستاذًا متخصصًا، حيث تم مناقشة كل بند تفصيليًا مع الحضور.

وفي هذا السياق، قال الدكتور مجاهد أبوالمجد، أستاذ السكر والغدد الصماء بكلية الطب – جامعة المنصورة، إن المؤتمر هذا العام يشهد تطورًا نوعيًا من حيث المحتوى والتفاعل، مشيرًا إلى أن من أهم فعاليات المؤتمر كانت ندوة علمية عبر الإنترنت مع مجموعة من الأطباء في إنجلترا، وتحديدًا في أيرلندا، لمناقشة حالات السكر الحرجة لدى الأطفال، وخاصة الذين يصابون بغيبوبة كيتونية في سن مبكر.

وأضاف أن هذه الجلسة تناولت البروتوكولات العلاجية المطبقة في بريطانيا، وتمت مناقشة كيفية «تمصيرها» لتتناسب مع طبيعة المريض المصري، قائلًا: «المرض خطير جدًا، وإذا لم يُعالج بشكل صحيح، قد يؤدي إلى نسب مرتفعة من الوفيات، ولذلك نحاول الاستفادة من التجارب الدولية وتطويعها لواقعنا».

وأشار أبوالمجد إلى أن الجديد في المؤتمر هذا العام يتضمن عدة محاور، أهمها محاولة نقل الإرشادات الطبية العالمية إلى مستوى محلي يناسب المرضى المصريين، بالإضافة إلى تأهيل الأطباء حديثي التخرج في التخصصات العامة لفهم آخر ما توصل إليه العلم فيما يخص السكر، سواء في التشخيص أو العلاج أو المتابعة.

وأكد أن مرض السكر يُعتبر من الأمراض ذات التأثير الواسع على الجسم بالكامل، حيث يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة في العين والكلى والقلب والأطراف، مشيرًا إلى أن الهدف الأبرز للمؤتمر هذا العام هو رفع وعي الأطباء بضرورة البدء المبكر في الوقاية من هذه المضاعفات، والعمل على توصيل الرسائل التوعوية بطرق عملية للطبيب في العيادة أو المستشفى العام.

وفيما يتعلق بمقاومة الإنسولين، أوضح أبوالمجد أن هذا المفهوم يُفهم بشكل خاطئ لدى عامة الناس، مشيرًا إلى أن السمنة، خصوصًا في منطقة «الكرش»، مرتبطة بمقاومة الإنسولين بشكل مباشر، دون الحاجة لإجراء تحاليل مكلفة، كما هو متبع في بعض الدول المتقدمة التي تتعامل مع كل شخص بدين على أنه في مرحلة مقاومة الإنسولين.

وأكد أن العلاج الأمثل لمقاومة الإنسولين لا يبدأ بالأدوية، بل بتغيير نمط الحياة، من خلال نظام غذائي صحي وممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يوميًا، وهو ما اعتبره أساسيًا لتجنب الإصابة مستقبلًا.

وختم أبوالمجد حديثه قائلًا: «رسالتي الأساسية هي أن تبدأ الوقاية مبكرًا، لأن الوقاية ليست فقط تحسن الصحة العامة، بل توفّر على الدولة تكاليف طائلة ناتجة عن علاج المضاعفات، وتمنح الأجيال القادمة فرصة لحياة صحية وآمنة».