رئيس الوزراء: القطاع الخاص يحقق إنجازات كبيرة بتوليد 80% من فرص العمل ويُساهم بـ70% من الناتج المحلي الإجمالي

رئيس الوزراء: القطاع الخاص يحقق إنجازات كبيرة بتوليد 80% من فرص العمل ويُساهم بـ70% من الناتج المحلي الإجمالي

ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة خلال مشاركته في مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص: النمو الاقتصادي والتشغيل، الذي نظمته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور عدد من الوزراء والسفراء ورؤساء وممثلي شركاء التنمية والاتحاد الأوروبي في مصر والمؤسسات الدولية وشركات القطاع الخاص.

في بداية كلمته، رحب الدكتور مدبولي بالحضور في هذا المؤتمر المهم، الذي يحمل عنوان «التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص.. النمو الاقتصادي والتشغيل»، مشيرًا إلى أن اجتماع اليوم يعكس قناعة راسخة بأن القطاع الخاص ليس مجرد شريك بل هو المحرك الأساسي لعملية النمو الاقتصادي في مصر، حيث أثبت القطاع الخاص خلال السنوات الأخيرة قدرته على خلق أكثر من 80٪ من فرص العمل، وهو يمثل اليوم نحو 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعله العمود الفقري للاقتصاد المصري.

كما أشار رئيس الوزراء إلى الجهود التي بذلتها الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، والتي تمثلت في تنفيذ استثمارات كبيرة في البنية التحتية، شملت تطوير الطرق والسكك الحديدية وتوسيع شبكات الطاقة والموانئ والمطارات، موضحًا أن هذه الاستثمارات العامة جاءت كخطوة استراتيجية لتهيئة بيئة داعمة للقطاع الخاص، مما يعزز دوره في قيادة قاطرة التنمية في الفترة المقبلة.

وأكد الدكتور مدبولي أنه بناءً على توجيهات فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، حرصت الدولة المصرية على إعادة تحديد دورها في النشاط الاقتصادي من خلال إطلاق وثيقة «سياسة ملكية الدولة»، التي وضعت إطارًا واضحًا لحدود تدخل الدولة، وأسست لبيئة تنظيمية أكثر انضباطًا، كما تضمنت الوثيقة تنظيم أوضاع الشركات التابعة وضمان الإفصاح المالي وتحقيق العدالة التنافسية، بالإضافة إلى تقليص الإعفاءات الممنوحة للشركات المملوكة للدولة، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لتلك الشركات، مما يسهل طرح حصص منها للقطاع الخاص وإشراك شركاء استراتيجيين في إدارتها، ضمن رؤية شاملة لتعظيم كفاءة إدارة أصول الدولة.

وأضاف رئيس الوزراء أنه تم اتخاذ خطوات جادة لضبط الإنفاق العام على المشروعات، حيث تم تحديد سقف للاستثمارات العامة، بحيث يتم التركيز على المشروعات التي تم تنفيذ أكثر من 70٪ منها فقط، مما يعزز كفاءة تلك الاستثمارات، ويمنح مساحة أكبر للقطاع الخاص، كما تعمل الدولة من خلال قانون حماية المنافسة لعام 2024 على مكافحة الاحتكار وتعزيز التنافسية وتنظيم عمليات الاندماج، بما يسهم في تحقيق تمييز بين أنشطة القطاعين العام والخاص، ويوفر بيئة أكثر عدالة وشفافية.

وأشار الدكتور مدبولي إلى أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا بتحسين بيئة الأعمال، حيث تم إطلاق «الرخصة الذهبية» لتيسير بدء المشروعات، والعمل على تقليص مدة إصدار التراخيص، وإعادة هيكلة النظام الضريبي ليصبح أكثر عدالة وشمولًا، كما تم التركيز على تحديث الإطار التشريعي وضمان سيادة القانون، مما يعزز الثقة في مناخ الاستثمار، بالإضافة إلى حصر شامل لجميع الرسوم والأعباء المالية غير الضريبية المفروضة على المستثمرين بهدف تخفيف الأعباء وتعزيز الحوكمة والشفافية.

وأوضح رئيس الوزراء أنه على الرغم من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة والعالم، إلا أن الاقتصاد المصري أثبت قدرته على الصمود والتكيف، حيث بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي نحو 4.3٪ في الربع الثاني من العام المالي الجاري، مع توقعات إيجابية من مؤسسات التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وغيرها من مراكز الأبحاث، التي عززت توقعاتها الإيجابية للاقتصاد المصري استنادًا إلى التنفيذ الفعال لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي.

وأضاف رئيس الوزراء أنه في الوقت نفسه، شهدنا زيادة في الاستثمارات الخاصة من إجمالي الاستثمارات الكلية، حيث تجاوزت نسبتها 50٪، كما ارتفعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفعت الصادرات غير البترولية بنسبة 33٪ خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي الجاري، وانخفض معدل البطالة إلى 6.3٪، مقارنة بأعلى مستوياته قبل جائحة «كورونا»، كما شهدنا انخفاضًا في العجز المالي إلى 6.5٪، بينما نتجه إلى خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى ما بين 85 و87٪.

ونوه رئيس الوزراء إلى أن كل تلك المؤشرات تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، بقيادة القطاع الخاص الذي يشكل الدعامة الأساسية لتحفيز الاقتصاد الوطني، وأن هذه التطورات الإيجابية لم تكن لتتحقق دون إطلاق برنامج إصلاح هيكلي شامل، يستهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، مؤكدًا أن هذه الإصلاحات تأتي ضمن إطار شراكات استراتيجية مع مؤسسات التمويل الدولية، التي ساهمت من خلال حزم تمويلية وبرامج دعم فني في دعم جهود الحكومة نحو تبني سياسات فعالة وإجراءات واضحة للإصلاح.

وأوضح رئيس الوزراء خلال كلمته أنه إلى جانب ذلك، فقد تم توجيه موارد مالية كبيرة من خلال الشراكات الدولية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وزيادة الشفافية وتحسين بيئة الاستثمار، كما تم تطبيق إصلاحات تسهل دمج القطاع غير الرسمي وتوفر بيئة قانونية عادلة للشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة المملوكة للنساء أو التي تديرها النساء، مما يتيح لها الاندماج في الاقتصاد الرسمي ويعزز فرص النمو وتوفير فرص العمل، مشيرًا إلى أن هذه الجهود المشتركة أثمرت عن نتائج ملموسة، تجلت في تقليص حالة عدم اليقين لدى المستثمرين وتعزيز قدرة القطاع الخاص على النمو والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، في ظل الالتزام بمواصلة مسار الإصلاح وتوطيد التعاون مع الشركاء الدوليين لدفع الاقتصاد المصري نحو مستقبل أكثر شمولًا واستدامة.

وأشاد رئيس الوزراء بالدور المهم الذي يقوم به شركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية في دعم برامج التنمية في مصر، ليس فقط من خلال التمويل، بل أيضًا عبر نقل المعرفة الفنية وتقديم المشورة الاستراتيجية وبناء القدرات، وهو ما يعزز قدرة الدولة على تنفيذ الإصلاحات وتوسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص، كما أشاد بالدور المهم الذي تقوم به وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي باعتبارها الوزارة المسؤولة عن تنمية وتدعيم علاقات التعاون الاقتصادي بين جمهورية مصر العربية ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية، حيث تسهم في فتح الآفاق للقطاع الخاص للاستفادة من مختلف الخدمات المقدمة من شركاء التنمية الدوليين وتعزيز سبل التواصل المباشر مع مجتمع الأعمال من خلال منصة «حافز» للدعم المالي والفني للقطاع الخاص.

وذكر رئيس الوزراء خلال كلمته أن تلك الجهود قد انعكست في ارتفاع التمويل التنموي للقطاع الخاص إلى 4.2 مليار دولار في عام 2024، متجاوزًا التمويلات التنموية للحكومة لأول مرة، بينما وصلت تلك التمويلات منذ عام 2020 لأكثر من 15.6 مليار دولار، مضيفًا أن الحكومة تعمل من خلال الشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية على المضي قدمًا في برنامج الطروحات الحكومية، فضلًا عن تقديم المؤسسة الخدمات الاستشارية المتخصصة للحكومة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في إدارة وتشغيل المطارات المصرية، مما يحسن الخدمات المقدمة في المطارات، ويجذب التمويلات من القطاع الخاص لتطوير هذا القطاع الحيوي، ويدعم جهود الدولة لزيادة حركة السياحة الوافدة لمصر.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن رؤية الدولة للمستقبل ترتكز على شراكة حقيقية بينها وبين القطاع الخاص، حيث تقوم الدولة بدورها التنظيمي، ويقود القطاع الخاص عملية الإنتاج والتشغيل والابتكار، مؤكدًا في هذا الصدد الحرص على مواصلة العمل لتسريع الإصلاحات وتذليل العقبات وتعزيز الحوكمة والشفافية، من أجل تحقيق اقتصاد قوي تنافسي وجاذب للاستثمار.

ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أننا نشهد اليوم حلقة جديدة في العلاقات بين جمهورية مصر العربية وشركاء التنمية، من خلال الإعلان عن آلية ضمانات الاستثمار بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والتي ستُمثل دافعًا قويًا نحو توفير أدوات التمويل المبتكرة لتشجيع جهود جذب الاستثمارات للسوق المصرية، كما أن تلك الآلية تُعد نتاجًا للقمة المصرية الأوروبية التي عقدت في مارس 2024 برئاسة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية.

واختتم رئيس الوزراء كلمته بتجديد الترحيب بالحضور، متطلعًا لمزيد من النقاشات البنّاءة خلال فعاليات المؤتمر، التي من شأنها أن تُسهم في صياغة مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة لوطننا الحبيب مصر.