صيادلة مصر يطرحون خطة استراتيجية لمواجهة تأثير الحرب الإيرانية الإسرائيلية على تجارة الأدوية في المنطقة

أوضح الدكتور محمد عصمت، رئيس نادي صيادلة مصر، والأمين العام للنقابة العامة للصيادلة، وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصيادلة العرب، أنه مع تصاعد التوترات العسكرية بين إيران والكيان الصهيوني، يواجه الشرق الأوسط موجة جديدة من الاضطرابات الجيوسياسية، وهذه الاضطرابات تمتد آثارها إلى جميع القطاعات، وخاصة قطاع الدواء الذي يعتبر ذا خصوصية تمس الأمن القومي الصحي والاقتصادي للدول، خصوصًا مع تزايد المخاوف من قطع سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين.
وأكد الدكتور محمد عصمت أن الحرب تؤثر بشكل كبير على صناعة وتجارة الدواء في مصر والمنطقة العربية، حيث تسببت في اختلال سلاسل التوريد، خصوصًا أن الخليج العربي ومضيق هرمز يمثلان شريانًا حيويًا لنقل المواد الخام الدوائية من آسيا، وخاصة من الهند والصين، وأي تهديد للملاحة في هذه المنطقة سيؤدي إلى تأخر وصول المواد الخام وارتفاع تكلفتها، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مشيرًا إلى أن شركات النقل البحري بدأت في رفع أسعار التأمين على البضائع المتجهة إلى المنطقة، مما يؤثر بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج، خاصة في الدول التي تعتمد على استيراد المكونات الفعالة.
كما أضاف الدكتور محمد عصمت أن الحرب تؤدي أيضًا إلى تراجع الإنتاج الإقليمي، نظرًا لأن إيران ولبنان وسوريا والعراق تحتوي على مصانع دواء محلية تخدم أسواقًا معينة، ومع تصاعد الضربات والغارات والتوترات، قد تتوقف أو تتباطأ خطوط إنتاج أو توزيع، مما يخلق نقصًا في بعض الأدوية الحيوية في دول الجوار.
وأشار الدكتور محمد عصمت إلى أن الوضع في مصر يتضمن تحديات وفرصًا، حيث أن مصر رغم أنها ليست طرفًا مباشرًا في النزاع، إلا أنها تتأثر بارتفاع تكلفة الاستيراد نتيجة تقلب أسعار الدولار، وزيادة الطلب على الدواء المصري من بعض الدول العربية التي تضررت مصانعها، مما يؤدي إلى تنافس أكبر على المواد الخام عالميًا.
وشدد على أن مصر تمتلك فرصة استراتيجية، حيث تملك قاعدة صناعية دوائية متقدمة نسبيًا في المنطقة، مشيرًا إلى أن مصانع الدواء المصرية قادرة على تعويض العجز في التوريد لبعض الدول المجاورة مثل السودان، ليبيا، فلسطين، لبنان، الأردن وربما العراق، ويمكن للدولة دعم صادرات الدواء كجزء من أمن قومي إقليمي.
وأشار إلى أن الحرب بين إيران والكيان الصهيوني قد تكون طويلة وغير تقليدية، ولكن آثارها ملموسة على سوق الدواء في الشرق الأوسط، ومصر بما تملكه من كفاءة صيدلانية وصناعية متميزة، تملك فرصة للتحول من دولة “مستهلكة” إلى لاعب “محوري” في أمن الدواء الإقليمي، بشرط أن تتحرك الآن بحكمة.
وطالب الدكتور محمد عصمت بتشكيل لجنة طوارئ بين وزارة الصحة، وهيئة الدواء، ونقابة الصيادلة لمتابعة تطورات السوق الدوائي بشكل لحظي، والتوسع في التصنيع المحلي للأدوية الأساسية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وإطلاق خريطة استثمارية ذكية في قطاع التغليف الدوائي والتصنيع التعاقدي لاحتواء أي خلل خارجي، ودعم مبادرات التصدير السريع للدواء المصري للأسواق المتضررة كوسيلة دعم دبلوماسي واقتصادي معًا.