الحكومة تكشف أسباب تعديل قانون الإيجار القديم: نهاية 100 عام من التشريعات الاستثنائية تلوح في الأفق

أعلنت الحكومة في المذكرة الإيضاحية المرفقة بمشروع قانون تعديل أحكام قانون الإيجار القديم، الذي بدأت لجنة الإسكان بمجلس النواب مناقشته اليوم، أن هذا المشروع يمثل تتويجًا لمسار طويل من التشريعات الاستثنائية التي حكمت العلاقة الإيجارية على مدار قرن تقريبًا، والتي نشأت نتيجة أزمات كبرى مثل الحربين العالميتين وأزمات الإسكان المتتالية، وقد أدت هذه التشريعات إلى ظهور ظواهر سلبية أثرت بشكل كبير على السوق العقاري والإنتاج والاستثمار.
وأشارت المذكرة إلى أن أول تدخل تشريعي لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر كان من خلال القانون رقم 4 لسنة 1921، الذي قيد أجور الأماكن لفترة محدودة، ثم عادت الأمور إلى القواعد العامة حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث صدرت أوامر عسكرية بمنع زيادة الأجرة وتمديد عقود الإيجار تلقائيًا، وبعد ذلك تم تقنين هذه الأوامر بالقانون رقم 121 لسنة 1947، وتبعت ذلك مجموعة من القوانين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي التي خفضت القيم الإيجارية.
وفي عام 1977، صدر القانون رقم 49 لتنظيم العلاقة الإيجارية وضمان مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار العقاري، لكن التطبيق أظهر عيوبًا في أحكامه، مما استدعى إصدار القانون رقم 136 لسنة 1981 لمعالجة تلك العيوب، لكنه استمر في فرض قيود استثنائية على العلاقة التعاقدية، مما أدى إلى نتائج سلبية عديدة، مثل عزوف الملاك عن تأجير ممتلكاتهم أو صيانتها، وتوجه السوق نحو التمليك، واحتفاظ المستأجرين بوحدات لا يحتاجونها فعليًا، مما زاد من حدة أزمة الإسكان.
وفي إطار السعي لإنهاء هذه التشريعات الاستثنائية، صدر القانون رقم 4 لسنة 1996 ليعيد سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد الحق في البقاء بها، وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا هذا الاتجاه في عدة أحكام، أبرزها الحكم الصادر في 9 نوفمبر 2024 بالقضية رقم 24 لسنة 20 «دستورية»، والذي قضى بعدم دستورية النصوص التي تثبت الأجرة السنوية للأماكن السكنية، محددًا نفاذ الحكم في اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد البرلماني العادي الحالي.
وأشارت الحكومة إلى أن استمرار القوانين الاستثنائية أدى إلى أزمة مزمنة أثرت سلبًا على الثروة العقارية والأسرة والمجتمع والاقتصاد القومي، مؤكدة أن هذه القوانين بطبيعتها مؤقتة، وأن الوقت قد حان لإنهائها وإعادة العلاقة الإيجارية إلى أصلها كعقد رضائي تحكمه القواعد العامة ومبدأ سلطان الإرادة.
واستنادًا إلى القانون رقم 4 لسنة 1996، وامتثالًا لحكم المحكمة الدستورية، جاء مشروع القانون الحالي ليعالج الاختلالات التاريخية، ويعيد تنظيم الأجرة القانونية سواء للأماكن المؤجرة لأغراض سكنية أو للأشخاص الطبيعية لغير أغراض سكنية، وذلك وفقًا لنظام مرحلي ينتهي خلال 7 سنوات في الحالة الأولى، و5 سنوات في الثانية، إيذانًا بعودة التوازن المنشود لعلاقة طالما اختلّت بفعل قوانين استثنائية استمرت لما يقارب المائة عام.