105 سنوات من التحديات والإنجازات: رحلة كرة القدم النسائية في مصر

105 سنوات من التحديات والإنجازات: رحلة كرة القدم النسائية في مصر

تُعتبر لعبة كرة القدم، الأكثر شعبية في مصر والعالم، لها تاريخ طويل غالبًا ما يرتبط بجوانب “ذكورية”، حيث كانت تُعتبر في مصر لعبة خاصة بالرجال، بينما تفوقت دول أخرى في مجال الاحتراف.

مرت كرة القدم النسائية في مصر بمسار طويل ومثير منذ أوائل القرن العشرين، حتى أصبحت واقعًا ملموسًا اليوم، حيث بدأت الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك في الاهتمام بها بشكل رسمي.

على مدار أكثر من ١٠٥ أعوام، سعت كرة القدم النسائية إلى الانتشار، لكنها واجهت العديد من التحديات والعقبات.

في عام ١٩٢٠، تم تأسيس أول فريق لكرة القدم النسائية في مصر، وهو فريق النيل للسيدات، الذي اعتمد على اللاعبات الأجنبيات، ورغم ذلك لم يحقق الفريق شهرة كبيرة في ذلك الوقت، كما لم تلقَ اللعبة قبولًا في المجتمع المصري بسبب العادات والتقاليد التي كانت تمنع الفتيات من ممارسة الرياضة بوجه عام، وكرة القدم بوجه خاص، باعتبارها لعبة مخصصة للرجال.

خلال القرن العشرين، كان يُنظر إلى لعبة كرة القدم على أنها غير ملائمة للنساء، رغم دخول المرأة المصرية في مجالات رياضية أخرى مثل رفع الأثقال والمصارعة والجودو والكاراتيه، إلا أن انتشار كرة القدم بين الفتيات والسيدات تأخر لأسباب متعددة.

على الرغم من تطور المجتمع المصري وتغير نظرته للمرأة خلال السبعينات والثمانينات، إلا أن الاهتمام بكرة القدم ظل مقتصرًا على كونها لعبة للرجال فقط، واستمر الوضع على هذا النحو حتى بداية التسعينات.

في فترة التسعينات، بدأ الاهتمام بكرة القدم النسائية في مصر، وسُجلت محاولات لنشر اللعبة، لكن واجهت صعوبات مالية وتحديات في تدبير الموارد، حيث اكتفى الاتحاد المصري لكرة القدم بتكوين منتخب للسيدات والمشاركة في بعض البطولات الدولية والودية.

كانت أول مشاركة رسمية لمنتخب مصر للسيدات في عام ١٩٩٨، حيث واجه الفريق منتخب أوغندا في مارس من نفس العام، وانتهت المباراة بالتعادل ١/١.

ثم جاء أول ظهور لمنتخب مصر في بطولة أمم أفريقيا في نفس العام، حيث لعب المنتخب ثلاث مباريات، وخرج منها بخسارة في جميعها، لكنه نجح في إحراز هدفين، بينما استقبلت شباكه ١٤ هدفًا، ليودع البطولة مبكرًا.

طوال تلك الفترة، لم تكن مشاركة منتخب مصر في أمم أفريقيا قوية، حيث اكتفى بمشاركتين، الأولى التي تم ذكرها، والثانية في عام ٢٠١٦، والتي شهدت تحسنًا ملحوظًا في النتائج.

رغم خروج منتخب السيدات من الدور الأول كما حدث في مشاركته الأولى، إلا أن الفريق حقق الفوز في مباراة واحدة، لكنه خسر في مباراتين، حيث أحرز هدفًا واستقبلت شباكه ٧ أهداف.

تُعتبر اللاعبة أماني رشاد من الأسماء اللامعة في تاريخ كرة القدم النسائية، حيث تُعتبر الهداف التاريخي للمنتخب برصيد ٢١ هدفًا.

كان أكبر فوز حققه منتخب السيدات على حساب منتخب العراق بنتيجة ١٥-صفر، بينما كانت أكبر هزيمة تلقاها الفريق أمام منتخب نيجيريا بنتيجة ٠/٦.

كيف ساهم “كاف” في انتشار اللعبة بين فتيات مصر؟ ظلت كرة القدم النسائية فكرة تُمارس بشكل محدود في بعض الأندية مثل وادي دجلة، دون دخول الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك في هذا المجال، حتى جاء الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في عام ٢٠٢٣، واشترط على الفرق المشاركة في بطولاته للرجال ضرورة تشكيل فريق لكرة القدم النسائية، للحصول على رخصة المشاركة.

وبالفعل، بدأت الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك في الاهتمام باللعبة، وانضم فريق جديد هو فريق مسار إلى هذا المجال.

نظم الاتحاد المصري لكرة القدم أول بطولة للدوري العام منذ عامين بعد دخول الأندية الكبرى، وتوج فريق مسار باللقب في ذلك الوقت، وفي الموسم المنقضي، تمكن فريق مسار من الفوز باللقب مرة أخرى، بينما حقق فريق الأهلي أول بطولة كأس مصر له، وحصل الزمالك على المركز الرابع.

في الموسم الجاري ٢٠٢٥، يسير منتخب مصر بشكل جيد في التصفيات المؤهلة لنهائيات بطولة أمم أفريقيا، ويتبقى أمامه مواجهة مع نظيره الغاني للتأهل إلى النهائيات، وفي حال التأهل، سيكون ذلك الثالث في تاريخ كرة القدم النسائية.

ما هي التحديات المستقبلية التي تواجه اللعبة في مصر؟

على الرغم من الانتشار الحالي للعبة بين السيدات، إلا أن كرة القدم النسائية لا تزال تواجه العديد من التحديات، منها نقص الدعم المالي والإعلامي، والحاجة لمزيد من المدربين والمدربات المؤهلات، بالإضافة إلى ضرورة زيادة عدد الملاعب في مصر لنشر اللعبة بين الفتيات بشكل أكبر.