انتخابات أستراليا: شبيه ترامب يواجه أزمة

انتخابات أستراليا: شبيه ترامب يواجه أزمة

مع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية في أستراليا، تزداد المخاوف لدى المحافظين من تكرار ما وُصف بـ”نكسة ترامب”، والتي أدت إلى إحباط آمال حزب المحافظين في كندا منذ أيام، حيث لم يتمكن زعيمهم من تحقيق الأغلبية رغم البداية الواعدة في استطلاعات الرأي.

في أستراليا، يواجه زعيم حزب الأحرار، بيتر داتون، تحديًا مشابهًا، إذ يسعى جاهدًا للتنصل من تشبيهه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

داتون، الذي شغل سابقًا منصب شرطي ووزير الدفاع والهجرة، يتطلع للإطاحة برئيس الوزراء الحالي من حزب العمال أنطوني ألبانيزي، لكنه يعاني من تآكل شعبيته نتيجة الخطاب الشعبوي المتشدد الذي يتبناه، بالإضافة إلى اتهامه بتأجيج “حروب ثقافية” تتعلق بالهجرة والهوية والتعليم، فضلاً عن انتقاداته لهيئة الإذاعة الأسترالية التي وصفها بأنها “إعلام كراهية”.

لقب “ترامب تيمو” أصبح يُطلق على داتون من قبل منتقديه، وذلك في إشارة إلى موقع التسوق الإلكتروني المعروف بتقليد المنتجات الرخيصة، بينما يرى مراقبون أن هذا التشبيه يضر أكثر مما ينفع به خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي فرض رسوم جمركية جديدة أثرت سلبًا على الأسواق العالمية وتسببت في انخفاض قيمة المدخرات التقاعدية لبعض الأستراليين.

بل إن بعض الأعضاء داخل حزب الأحرار، بدعم من المليارديرة التعدينية جينا راينهارت، دعوا إلى استنساخ النهج الترامبي بما في ذلك الشعارات الشعبوية وسياسات تقليص الوظائف الحكومية؛ ولكن هذه المقاربة أثارت ردود فعل عكسية خاصة بين الطبقة الوسطى وكبار السن الذين يشعرون بالقلق حيال اضطراب العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة.

وفقًا لمحللين سياسيين، فإن الانعطافة المفاجئة في مزاج الناخبين الأستراليين تعود لتأثير السياسات الأمريكية الأخيرة التي اتخذها ترامب والتي أعادت خلط الأوراق. ويقول سايمون جاكمان من جامعة سيدني: “كان داتون على طريق الفوز.. ثم جاء ترامب وبدأ الناخبون يعيدون التفكير.”

في مناظرة انتخابية جرت منتصف أبريل الماضي، بدا داتون متحفظًا عند سؤاله عن رأيه بترامب مكتفيًا بالقول: “لا أعرفه ولم ألتقه من قبل.”

رغم أن العلاقات المتوترة مع الصين كانت محور حملة حزب الأحرار عام 2022 إلا أن هذا الملف تراجع بشكل ملحوظ هذا العام. حتى المناورات الصينية الأخيرة قبالة سواحل أستراليا لم تحظَ بتغطية سياسية واسعة مقارنة بالقلق المتزايد بشأن تقلبات السياسة الأمريكية. ويرى خبراء أن ترامب يُعتبر تهديدًا أكبر للنظام الدولي مقارنة بالصين.

النسخة الأكثر وضوحًا لمحاولة استغلال الشعبية الترامبية جاءت عبر رجل الأعمال كليف بالمر الذي أسس حزبًا جديدًا باسم “بوق الوطنيين”، متعهدًا بـ”إنهاء احتكار الحزبين وجعل أستراليا عظيمة مجددًا”، وهو شعار مستلهم مباشرةً من ترامب.

لكن خطاب بالمر لم يلقَ الصدى المتوقع خاصة بين الشباب والمستقلين الذين قد يلعبون دوراً حاسمًا في توجيه الانتخابات نحو حكومة أقلية.

للمرة الأولى في التاريخ السياسي الحديث لأستراليا تفوق عدد الناخبين من جيل الألفية و”الجيل زد” على الفئات الأكبر عمرًا؛ وهؤلاء يميلون إلى خيارات تقدمية ولا يُخفُون ازدراءهم للنظام السياسي التقليدي. ويقول الباحث شون راتكليف: “هؤلاء الناخبون لا يجدون سبباً حقيقياً للحفاظ على النظام الحالي وهم مستعدّون للمغامرة بحكومة أقلية.”

بينما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب العمال بقيادة ألبانيزي إلا أنه لا يُرجّح حصوله على الأغلبية المطلوبة لتشكيل حكومة منفردة مما يعني احتمالية ظهور تحالفات جديدة أو مساومات سياسية مع الأحزاب الصغيرة والمستقلين.