اكتشافات مذهلة في الأقصر: سور ضخم وبئر غامضة وتوابيت أثرية جديدة تكشف أسرار الحضارة المصرية القديمة

قام الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بجولة تفقدية لمشروع ترميم وتأهيل «المقاصير الجنوبية» لمعبد الأخ منو في منطقة معابد الكرنك بالأقصر، وذلك خلال زيارته الأخيرة للمحافظة، حيث تم تنفيذ المشروع بالتعاون مع المركز المصري الفرنسي لدراسة معابد الكرنك (CFEETK).
وشدد «خالد» على أهمية هذا المشروع، الذي أدى إلى الانتهاء من ترميم وافتتاح موقع أثري جديد أمام الزوار، وهو ما يأتي في إطار توجيهات شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، بفتح مزارات أثرية جديدة تسهم في تعزيز الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، خصوصًا من محبي السياحة الثقافية.
وعبر الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار عن تقديره للتعاون مع الجانب الفرنسي في عدة مشروعات هامة في مجال الآثار، حيث يُعتبر هذا المشروع أحد أوجه هذا التعاون الذي ساهم في الحفاظ على جزء من التراث المصري القديم.
وأضاف أن أعمال ترميم المقاصير الجنوبية تضمنت تنظيف وترميم إنشائي دقيق، بالإضافة إلى توثيق النقوش والمناظر الدينية بشكل كامل.
من جانبه، أشار محمد عبدالبديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إلى أن أعمال التنظيف أسفرت عن إظهار عدد من النقوش الهامة، منها نقوش تعكس الطقوس التي كان يقوم بها الملك تقربًا للإله آمون، كما زُيّنت جدران الممر الرئيسي بمشاهد من احتفال «حب سد» (عيد اليوبيل) لتحتمس الثالث، بالإضافة إلى نقش تأسيسي يصف المعبد بأنه «معبد لملايين السنين» مكرس للإله آمون-رع وآلهة الكرنك.
وأوضح الدكتور عبدالغفار وجدي، مدير عام آثار الأقصر ومدير المركز المصري الفرنسي من الجانب المصري، أن أعمال التطوير بالمقاصير شملت رفع كفاءة الخدمات المقدمة للزائرين لتحسين تجربتهم السياحية، حيث تم وضع لافتات إرشادية ومعلوماتية حول تاريخ المقاصير الجنوبية، بالإضافة إلى تيسير الزيارة لذوي الهمم عبر إنشاء رامبات خاصة لهم.
وأشار إلى أن تاريخ معبد الأخ منو يعود إلى عهد الملك تحتمس الثالث (حوالي 1479–1425 ق.م)، ويُعد من أهم المعابد المخصصة لعبادة الإله آمون-رع في الكرنك خلال الدولة الحديثة.
تقع «المقاصير الجنوبية» مباشرة إلى يمين المدخل الرئيسي للمعبد، وهي منطقة شعائرية تتكون من سبع مقاصير وغرفتين كبيرتين ذات أعمدة، متصلة عبر ممر داخلي.
يمتاز هذا المبنى المعماري بحالة حفظ ممتازة، حيث لا تزال أجزاء كبيرة من الجدران والأسقف قائمة، وتحتفظ النقوش الملونة على الجدران بوضوحها وزهو ألوانها، مما يجعله واحدًا من أبرز المعالم المحفوظة في معابد الكرنك.
خلال تواجده في محافظة الأقصر، حرص الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على تفقد أعمال الحفائر التي تجريها عدد من البعثات المصرية التابعة للمجلس في عدة مواقع أثرية، بما في ذلك موقع حفائر البعثة المصرية بمنطقة العساسيف بالقرنة، وحفائر البعثة الأثرية المصرية بمنطقة نجع أبوعصبة بالكرنك.
وأوضح «خالد» أنه في منطقة العساسيف، تمكنت البعثة من الكشف عن مجموعة من التوابيت الخشبية الصغيرة المخصصة للأطفال، معظمها في حالة سيئة جدًا من الحفظ، وجميع التوابيت خالية من النقوش والكتابات، وأشار إلى أنه في الفترة المقبلة سيتم الاستعانة بمتخصص في العظام الآدمية والتوابيت الخشبية لتحديد العصر الذي تعود إليه هذه التوابيت، وكذلك دراسة العظام الموجودة بداخلها لتحديد العمر والجنس وأسباب الوفاة، مما يسهم في فهم أعمق لموقع الحفائر بشكل عام.
من جانبه، قال محمد عبدالبديع إن البعثة المصرية كشفت عن مجموعة من الأوستراكات من الحجر الجيري والفخار، وخاتمين مخروطين الشكل فاقدي بعض الأجزاء، يُقرأ عليهما (المشرف على البيت خونسو)، بالإضافة إلى الكشف عن بئر تحتوي على عدد من تماثيل الأوشابتي الصغيرة من الفيانس الأزرق، فضلاً عن اكتشاف غرفة يتوسطها عمود عليه بقايا ملاط ولا توجد عليه أي كتابات.
أما بالنسبة لحفائر البعثة المصرية في منطقة نجع أبوعصبة، فقد أوضح الدكتور عبدالغفار وجدي أن أعمال الحفائر أسفرت عن الكشف عن سور ضخم من الطوب اللبن يعود إلى عهد الملك (من خبر رع) أحد ملوك الأسرة 21، وهو سور مبني من قوالب الطوب اللبن التي ختم كل قالب منها باسم الملك واسم زوجته، كما تم العثور على بوابة من الحجر الرملي في قلب هذا السور، بالإضافة إلى بعض الورش المختلفة وأفران صناعة تماثيل البرونز، وعدد من التماثيل الأوزويرية المصنوعة من البرونز بأحجام مختلفة وبعض العملات والتمائم، كما تم العثور على ورشة كبيرة لصناعة الجعة، مما يوضح وظيفة المنطقة في فترات زمنية مختلفة، والتي ربما كانت تمثل منطقة صناعية.