تكريم محمد سلماوي: احتفالية مميزة في قصر الإبداع الفني تقديراً لإسهاماته الثقافية

تكريم محمد سلماوي: احتفالية مميزة في قصر الإبداع الفني تقديراً لإسهاماته الثقافية

احتفل قصر الإبداع الفني في مدينة السادس من أكتوبر بمناسبة “محمد سلماوي 80 شمعة من العطاء”، حيث نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، بالتعاون مع نادي القصة، هذه الفعالية كجزء من برامج وزارة الثقافة للاحتفاء برموز الفكر والإبداع.

تأتي هذه الاحتفالية احتفاءً بمرور 80 عامًا على ميلاد الأديب الكبير محمد سلماوي، الذي يعد عضوًا في المجلس الأعلى للثقافة والرئيس الأسبق لاتحاد كتاب مصر والعرب، وقد شهدت الفعالية حضور الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، بالإضافة إلى مشاركة عدد من الأدباء والمثقفين، منهم الكاتب والسيناريست محمد السيد عيد، ورئيس نادي القصة، والكاتب الصحفي محسن عبد العزيز، والناقد د. حسين حمودة، والناقد خالد جودة.

أدار فعاليات الاحتفالية القاص محمد رفاعي، الذي بدأ بكلمة ترحيبية من الكاتب محمد ناصف، حيث أكد على أهمية اختيار قصر الإبداع الفني ليكون مقرًا لهذه الفعالية، وشكر فريق القصر ونادي القصة، مشيرًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الأنشطة الأدبية، خاصة بعد اختيار قصر الإبداع كمقر لنادي القصة بتوجيه من الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة.

من جانبه، أعرب الكاتب محمد السيد عيد عن شكره لوزارة الثقافة على نقل مقر نادي القصة إلى قصر الإبداع الفني، وقدم شكرًا خاصًا للكاتب محمد سلماوي، الذي كان أول من أشار إلى ضرورة وجود مكان متميز لنادي القصة، وأعلن عن تدشين جائزة سنوية للقصة القصيرة باسم نادي القصة، تُقام في مقره الجديد، معتبرًا هذا اللقاء انطلاقة جديدة للمبدعين.

تناول الناقد الأدبي د. حسين حمودة رواية “أجنحة الفراشة”، مشيرًا إلى أنها تنبأت بالثورة قبل وقوعها، وتعتبر نموذجًا للسرد المرتبط بالتحولات الاجتماعية والسياسية، بينما استعرض الناقد خالد جودة تجربة “سلماوي” في كتابة السيرة الذاتية، والقصص القصيرة، ومساهماته في أدب الطفل، وخاصة من خلال مجموعة “شجرة الجميز”، مؤكدًا على دورها في غرس القيم والأخلاق.

أما الكاتب الصحفي محسن عبد العزيز، فقد وصف “سلماوي” بأنه “موسوعة ثقافة وموهبة”، نظرًا لقدرته على الربط بين العمل الصحفي والأدبي، وإظهار الحقائق ومناقشتها بحرية، بينما تحدثت الكاتبة والقاصة منى ماهر عن دور “سلماوي” في اتحاد كتاب مصر، مشيدة بروايته الأخيرة “أوديب في الطائرة”، التي عكست ببراعة الواقع السياسي والاجتماعي.

وفي كلمته، أعرب الأديب محمد سلماوي عن امتنانه لهذه الفعالية، وكشف عن عمله الروائي الجديد “زهرة النار”، الذي يحمل رمزية عميقة لامرأة ظنت أن قلبها قد يبس، قبل أن تُحييه علاقة حب جديدة تصطدم بقيود المجتمع، موضحًا أن اختيار الاسم يعود إلى أن تلك الزهرة حين تذبل تنغلق على نفسها وتتيبس تمامًا مثل قطعة الخشب، حتى تمسها النار فتتفتح وتبدأ دورة جديدة من الحياة.

تواصلت الفعاليات مع عدد من المداخلات من نخبة من المبدعين، منهم المخرج المسرحي عمرو قابيل، الذي أخرج إحدى قصص سلماوي وعرضها بمركز شباب منشية التحرير، وتحدث عن لقاءاته بالأديب بالمركز الثقافي الروسي، كما تحدث الشاعر أحمد الشهاوي، مدير تحرير مجلة نصف الدنيا الأسبق، عن “سلماوي” كداعم للمواهب ومؤسس دار “ألف للنشر”، ووصفه بالكاتب المفكر الذي أثرى الصحافة والأدب من خلال أعماله المتميزة.

وأشاد الباحث والقاص فؤاد مرسي بمسرحية “رقصة سالومي الأخيرة”، التي كتبها “سلماوي”، وحرصه على استعادة مكانة اتحاد الكتاب في جامعة الدول العربية، بينما تناول الشاعر ماهر حسن أبرز محطات “سلماوي” في قيادة الاتحاد، وأشاد بخصاله الحميدة وتميزه في توظيف الإسقاطات داخل رواياته.

كما توقف الناقد معتز محسن عند علاقة “سلماوي” بالأديب نجيب محفوظ، ودور مسرحيته “الجنزير” في قراءة الواقع، بينما تحدث الشاعر عبده الزراع عن دور “سلماوي” خلال توليه منصب رئيس تحرير مجلة “قطر الندى”، ومشاركته في اجتماعات اتحاد القصة العربي، مشيدًا بتواضعه، وأشار الكاتب حسن الجوخ، نائب رئيس نادي القصة، إلى الجانب الإنساني في شخصية “سلماوي” ودوره البارز في لجنة العلاقات الإنسانية باتحاد الكتاب.

كما أثنى القاص عبد الناصر العطيفي على تواضع وإنسانية “سلماوي”، مشيرًا إلى أنه بالفعل استحق التكريم نظرًا لعطائه، وأشاد الباحت والكاتب صلاح شعير بدور قصور الثقافة في دعم الإبداع والمبدعين، وأوصى الكاتب طارق الطاهر، رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة، بضرورة توثيق مسيرة سلماوي في كتاب ومؤتمر خاص، تقديرًا لمكانته كونه رمزًا من رموز الذاكرة الثقافية المصرية.

اختتمت الاحتفالية بتكريم الأديب محمد سلماوي بمنحه درع من الهيئة العامة لقصور الثقافة وآخر خاص بنادي القصة، تقديرًا لعطائه الأدبي المميز، كما قدمت الفنانة نور الهدى حمدي “بروتريه” رسمته للأديب الكبير، فيما عبّر أعضاء مجلس الجالية السودانية عن تقديرهم له بتحية خاصة، وذلك بحضور د. منى شعير، مدير عام القصور المتخصصة، نورا كرامة مدير قصر الإبداع الفني، د. عبد الرازق عيد أستاذ اللغة الإيطالية بجامعة القاهرة، والفنان عبد المنعم يوسف الخضر، وعدد كبير من الفنانين ومحبيه.

الأديب محمد سلماوي وُلِد عام 1945، وتخرج في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وحصل على دبلوم في مسرح شكسبير من جامعة أكسفورد بإنجلترا، وماجستير في الاتصال الجماهيري من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد شغل عدة مناصب بارزة منها مدير تحرير الأهرام ويكلي ورئيس تحرير الأهرام إبدو ووكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية.

له العديد من المؤلفات الأدبية في مجالات القصة والرواية والمسرح، منها: الرجل الذي عادت إليه ذاكرته، الخرز الملون، باب التوفيق، وكونشرتو الناي، ونال عن إبداعه عدة أوسمة وجوائز دولية، أبرزها: جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وسام التاج الملكي البلجيكي، وسام الاستحقاق الإيطالي، ووسام الفنون والآداب الفرنسي.

كما فازت مسرحيته “رقصة سالومي الأخيرة” بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان قرطاج المسرحي، ومسرحية “الجنزير” بجائزة أفضل نص في افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب، فيما اختير عرض “فوت علينا بكرة” كأفضل عرض بالمهرجان الأول للمسرح العربي.

جاءت الاحتفالية ضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، والإدارة العامة للقصور المتخصصة، ونسقت فعالياتها شهيرة حسن، وذلك في ضوء أنشطة قصر الإبداع الفني، وفي إطار جهود هيئة قصور الثقافة لتسليط الضوء على التجارب الإبداعية الملهمة.