دعوات لإنشاء محاكم متخصصة لقضايا الإيجار القديم: كل ما تحتاج معرفته عن التعديلات الجديدة والقرار الحاسم

يبدو أن البرلمان يقترب من إيجاد حل نهائي لأزمة الإيجارات، حيث وافقت لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير خلال اجتماعها أمس على مشروع القانون الجديد الذي قدمته الحكومة بهدف تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
تشمل التعديلات الجديدة لقانون الإيجارات القديمة مجموعة من النقاط الهامة، أبرزها تحديد جدول زمني لتحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر خلال فترة انتقالية لا تزيد عن 5 سنوات من تاريخ صدور القانون، مع أخذ البُعد الاجتماعي للفئات الأولى بالرعاية بعين الاعتبار، كما تم تحديد زيادات تدريجية للإيجار خلال السنوات الانتقالية بنسب عادلة تراعي معدل التضخم، مما يضمن تحسين عائدات الملاك بشكل تدريجي دون الإضرار بالمستأجرين.
كما نص المشروع على إلغاء الامتداد التلقائي للعقود بعد انتهاء الفترة الانتقالية، مع تنظيم آلية واضحة للتجديد أو إنهاء العلاقة التعاقدية، بالإضافة إلى إنشاء لجان بالمحافظات مهمتها حصر الوحدات المؤجرة بنظام الإيجارات القديمة وتصنيفها وفقًا للحالة الاجتماعية للمستأجرين.
جاءت هذه الخطوة البرلمانية وسط ترقب واسع من جميع الأطراف المعنية، وفي ضوء العديد من المقترحات، كان من أبرزها ما قدمته دراسة أعدتها الدكتورة آلاء برانية، الباحثة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والتي استعرضت تجارب عدد من الدول في التعامل مع أزمات مشابهة، واقترحت إنشاء محاكم متخصصة للإيجارات القديمة لتسريع حسم النزاعات وتحقيق العدالة للطرفين.
كيف عالجت الدول أزمة الإيجارات القديمة؟
تشير الدراسة إلى أن العديد من الدول واجهت أوضاعًا مشابهة في أسواق الإيجار لديها، ففي فرنسا، تم اعتماد سياسة متدرجة لتحرير الإيجارات القديمة، مع تقديم دعم اجتماعي للفئات الأضعف وإتاحة مرونة في الاتفاقات بين الملاك والمستأجرين.
أما في ألمانيا، فقد لجأت إلى حلول تشريعية متكاملة، من خلال إنشاء محاكم سكنية متخصصة للفصل في المنازعات، وربط زيادات الإيجار بمعدلات التضخم الرسمية، مع توفير بدائل سكنية مدعومة للمحتاجين.
وفي إيطاليا، اتبعت الحكومة مسارًا متدرجًا يوازن بين تحرير العلاقة التعاقدية وحماية حقوق المستأجرين، حيث أُجيز تحرير العقد عند وفاة المستأجر الأصلي أو انتقال الملكية، مع توفير مدد انتقالية قبل الإخلاء.
وتشير الدراسة إلى أن جوهر الحلول الناجحة يكمن في تحقيق “توازن حقوقي” يراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، دون الحاجة إلى قرارات صادمة أو قسرية.
مقترح إنشاء محاكم متخصصة
استنادًا إلى هذه التجارب، أوصت الدكتورة آلاء برانية في دراستها بضرورة إنشاء محاكم متخصصة لقضايا الإيجارات القديمة، على غرار نموذج محاكم الأسرة، بحيث تكون مهمتها الفصل السريع في القضايا المتراكمة وإصدار أحكام عادلة تستند إلى معايير اقتصادية وقانونية واضحة.
وتقترح الدراسة أن تضم هذه المحاكم دوائر متخصصة، تتضمن قضاة ذوي خبرة في التشريعات السكنية، مع إمكانية الاستعانة بخبراء من القطاع العقاري والاقتصادي لضمان الحسم العادل والمنصف للنزاعات.