
في مشهد إنساني يتجاوز كل التوقعات، تحوّلت رحلة استجمام لعائلات عمانية إلى جبال “كلاردشت” في شمال إيران إلى كابوس مرير وأيام من الانتظار والمعاناة، بعدما اندلع هجوم عسكري إسرائيلي مفاجئ على مواقع حيوية في إيران، جعل من بقاء هؤلاء السياح أشبه بـ”القدر المحتوم”.
من نزهة إلى كابوس.. دقائق غيرت كل شيء
لم يكن في حسبان حامد بن راشد الزيدي ورفاقه التسعة أن تتحول أيامهم القليلة التي خططوا لقضائها في ربوع الشمال الإيراني الهادئة إلى أوقات عصيبة يطغى عليها الخوف والقلق. “كنا نستعد للعودة صباح الجمعة، لكن جاءت الأخبار المفجعة عن قصف طهران، فتوقف كل شيء فجأة”، هكذا وصف حامد المشهد.
طرق مغلقة وأمل ضائع على الحدود
بحثت المجموعة عن مخارج آمنة برًّا عبر أرمينيا، تركيا، وأذربيجان، لكن كل المنافذ أُغلقت أو باتت غير ممكنة. أحد أفراد الفريق قطع 12 ساعة ذهابًا وإيابًا في محاولة للعبور، لكنه عاد خاوي الوفاض. الجميع أدرك أن لا خيار إلا الانتظار.
وعد الحافلات.. وساحة الانتظار الباردة
في اليوم الرابع، بدأ التواصل مع السفارة العمانية يأتي بأخبار إيجابية عن إجلاء مرتقب من بندر عباس إلى خصب. طُلب من العالقين إخلاء الفنادق والتوجه إلى ساحة مفتوحة بانتظار الحافلات. لكن الساعات الثلاث التي قضوها هناك كانت شديدة القسوة، خاصة مع الأجواء الممطرة والبرد القارس، وسط غياب تام لأي مأوى أو دفء.
اضطر البعض إلى استئجار حافلات خاصة بأسعار باهظة وصلت إلى 600 ريال عماني، في ظل ما وُصف باستغلال السائقين المحليين للأزمة. آخرون لجأوا إلى نادٍ رياضي لإيواء النساء والأطفال.
تأخر الحافلات.. والتفتيش يُربك الخطة
مرت الساعات ولم تظهر أي حافلة. المعلومات القادمة من طهران أفادت بأن الحافلات تواجه عراقيل أمنية، وأن قوات الأمن الإيرانية تقوم بتفتيش دقيق لكل المركبات، ما أدى إلى تأخر طويل وازدحام خانق على الطرق السريعة. وبينما زاد ذلك من التوتر، أكدت السفارة العمانية أنها تواصلت مع السلطات الإيرانية وتبذل جهودًا جبارة رغم “صعوبة اللحظة”.
إشراقة الأمل الأولى.. وانطلاقة الباص الأول
في اليوم الخامس، ورغم الإرهاق الجسدي والنفسي، تنفّس الجميع الصعداء مع تحرك أول حافلة تحمل كبار السن والعائلات باتجاه بندر عباس، وهو ما أعاد الأمل للعالقين المتبقين وعددهم يربو على 500 شخص بينهم 300 عائلة.
الشعب الإيراني.. وجهٌ إنساني في زمن الأزمة
رغم الأزمة، فإن لفتات الشعب الإيراني الإنسانية خففت من وطأة الموقف، إذ أشار حامد الزيدي إلى أن “الإيرانيين شعب ودود ومضياف، عرضوا علينا المساعدة وفتحوا لنا أبواب بيوتهم، وهذا كان كافيًا لزرع قليل من الراحة في قلوبنا المتعبة”.