
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمره الصحفي الأسبوعي، حيث عبر عن سعادته بتواجد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، بالإضافة إلى عدد من القيادات ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، وعدد من مسئولي الإعلام؛ لإطلاق منصة وزارة الأوقاف، موضحًا أن هذه المنصة جاءت بتكليف من الرئيس لوزير الأوقاف عند تشكيل الحكومة الجديدة، لتكون فعالة في توضيح الفكر الديني المستنير والإجابة على تساؤلات مختلف شرائح المجتمع المصري.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه سيبدأ حديثه خلال المؤتمر بالتطرق إلى الحدث العالمي البارز الذي يشغل العالم، وهو العمليات العسكرية الإيرانية ـ الإسرائيلية، مؤكدًا أن هذا الموضوع كان محور النقاش خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم، خاصة مع تسارع الأحداث وتداعياتها على العالم والمنطقة بشكل مباشر.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه منذ بدء أحداث قطاع غزة، أثيرت مخاوف من تفاقم الأوضاع، وكان هناك تأكيد دائم على أن المنطقة ستظل على حافة النار إذا لم يتم التوصل إلى حل دائم وعادل يضمن استقرار المنطقة، وهو حل الدولتين والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وقيام دولته المستقلة، مشيرًا إلى أنه مهما شعر أي طرف من أطراف الأزمة بأنه حقق نوعًا من الانتصار في وقت ما، فإن ذلك لن يستمر طويلاً.
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى خطورة التداعيات الأخيرة مع تسارع الأحداث منذ فجر الجمعة الماضية، وبدء هذه الحرب، مؤكدًا أنه منذ اليوم الأول كان هناك تواصل مع الوزراء المعنيين ومحافظ البنك المركزي، وتم عقد اجتماع سريع بحضور محافظ البنك المركزي ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول والثروة المعدنية، لمتابعة تأمين احتياجات الدولة المصرية، ثم أصبح هناك متابعة مستمرة لهذا الملف على مدار اليوم والساعة، مع توقع السيناريوهات المحتملة، ولذلك كان القرار بتشكيل لجنة أزمات لمتابعة هذه القضية برئاسته وعضوية الوزراء المعنيين والجهات السيادية بالدولة، لوضع كل السيناريوهات المحتملة.
وفيما يتعلق بتداعيات هذه الأزمة على الشأن الداخلي بمختلف مستوياته، وكيفية مواجهتها والإجراءات التي تستعد بها الحكومة، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن مجلس الوزراء ناقش هذا الموضوع الذي استغرق وقتًا طويلاً لمناقشة مختلف أوجه الأزمة، قبل الانتقال لمناقشة جدول الأعمال، حيث تم مناقشة كل وزير فيما يخصه من ملفات تتعلق بتلك الأزمة والإجراءات التي تتخذها وزارته.
وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس الوزراء أن الدولة تعمل على تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، مع ضمان استقرار أوضاع السوق والشأن الداخلي، بغض النظر عن طول أمد النزاع، مشيرًا إلى أنه إذا طال أمد الصراع واستفحلت الأزمة، سيكون هناك شأن آخر فيما يخص الأوضاع الداخلية.
واصل رئيس الوزراء حديثه، مشيرًا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، حذر منذ اندلاع الأزمة من تصاعدها وجر أطراف أخرى إلى ساحة النزاع، مما قد يؤدي إلى جر المنطقة والعالم إلى حرب إقليمية، وقد تكون هناك أبعاد أخرى، وقد تابعتم جميعًا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية التطورات التي وقعت في هذا النزاع.
وفي السياق نفسه، قال الدكتور مصطفى مدبولي: «لقد كنا متحسبين لهذا الأمر، وسعينا إلى تأمين الاحتياطي الاستراتيجي لجميع السلع الأساسية وزيادته»، مؤكدًا أن الدولة لديها مخزون استراتيجي آمن لجميع السلع، وهو من الأطول في تأمين البلاد وحاجة الاستهلاك المحلي، حيث يتجاوز 6 أشهر، وهذا الأمر يدعو للطمأنينة، فلدينا أعلى معدلات حققتها الدولة المصرية في هذا الشأن.
كما لفت رئيس الوزراء إلى نقطة أخرى تتعلق بتلبية احتياجات الطاقة، التي وصفها بأنها نقطة حرجة، سواء كانت احتياجات بترولية أو غاز، وتأمين شبكة الكهرباء، مؤكدًا أن الدولة المصرية نجحت في توفير بديل احتياجات الغاز من خلال تواجد ثلاث سفن تغييز على أراضي الدولة، موضحًا أن واحدة منها دخلت العمل بالفعل، بينما السفينتان الأخريان قيد التجهيز لبدء الخدمة بحلول نهاية الشهر الجاري، مشيرًا إلى أنه مع تشغيل السفينتين المتبقيتين، ستُحل جميع المشكلات المتعلقة بتوفير احتياجات الغاز لقطاعي الكهرباء والصناعة.
وأكد رئيس الوزراء قدرة الحكومة على تلبية جميع احتياجات قطاع الصناعة وقطاع استهلاك الكهرباء رغم الظروف الراهنة، متمنيًا عدم التصعيد وتوتر الأحداث أكثر من ذلك، ومُطمئنًا المواطنين بأن الحكومة المصرية تمتلك سيناريوهات للتعامل مع أية تطورات، بما في ذلك سيناريو تصاعد الأحداث من ارتفاع شديد وغير مسبوق في أسعار المواد البترولية عالميًا، وأحيانًا عدم توافرها في حال تفاقم الصراع في المنطقة وتحوله إلى حرب إقليمية بتدخل أكثر من دولة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى سرعة استجابة الدولة في التعامل مع هذا الملف المهم، لافتًا إلى انعقاد الاجتماع الأول «للجنة الأزمات» فور انتهاء اجتماع مجلس الوزراء اليوم، حيث تم مناقشة الموضوع بشكل موسع مع توجيه السادة الوزراء أعضاء اللجنة بوضع سيناريوهات مع الوضع في الاعتبار السيناريو الأسوأ وكيفية التعامل معه لضمان تأمين احتياجات الدولة المصرية في مختلف الظروف، مؤكدًا أنه لا توجد أزمات داخلية في الوقت الراهن في أي من قطاعات الدولة، كما لا يوجد تأخر في فتح اعتمادات دولارية لمستلزمات الإنتاج، مشيرًا إلى حضور محافظ البنك المركزي باجتماع لجنة الأزمات وأكد هذا الأمر، مع تأكيد أن الدولة المصرية تمتلك الاحتياطات الكافية للتعامل مع الوضع الحالي، والاستعداد الكامل للتعامل مع جميع السيناريوهات المحتملة بكل تحدياتها وتعقيداتها، فالدولة المصرية استطاعت تأمين احتياجاتها لفترة طويلة، ولكن في حال وقوع أي سيناريوهات أسوأ، سيكون هناك إجراءات لابد من التحرك تجاهها.
وأضاف رئيس الوزراء: «الدولة بجميع أجهزتها بدءًا من القيادة السياسية والحكومة وجميع الأجهزة وكذلك المواطنين، كلنا يد واحدة، ويتعين أن نعي جميعًا أن أي تصعيد في هذه الحرب الجارية سيكون له تأثير على الدولة، وبالتالي سيكون لنا خطوات».
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: «الهدف من لجنة الأزمات أن تكون خطوات اللجنة استباقية، وفي هذا الصدد طلبت من السادة الوزراء أن يكون لدينا خطط استباقية، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك اجتماع آخر مع اللجنة الأسبوع المقبل، حيث تم تكليف كل وزير بوضع تصور بخطط تنفيذية واضحة للسيناريوهات المختلفة بحيث يتم عرضها وأخذ القرارات المناسبة تحسبًا لأي تطورات قد تحدث في هذا الملف».
وانتقل رئيس الوزراء بعد ذلك للحديث عن الجهود المبذولة في ملف الطاقة، قائلًا: «تخطيطنا في ملف الطاقة يمضي في مساره القوي للغاية، حيث سنؤمن احتياجات الغاز الطبيعي بنهاية الشهر الجاري، وهذا يتزامن مع بدء زيادة معدلات الإنتاج المحلي اعتبارًا من شهر أغسطس المقبل، ولأول مرة تبدأ العودة في الإنتاج للتصاعد التدريجي».
كما تطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى الاكتشافات التي تعلن عنها وزارة البترول، مشيرًا إلى أنه بدءًا من الشهر المقبل سيدخل الخدمة حقلان في الصحراء الغربية، وبدء ضخ المزيد من الإنتاج، وهذه كلها مسارات نعمل عليها رغم كل التحديات التي تواجهنا.
وأضاف: «أود أن اطمئن المواطنين أننا نعمل على تأمين احتياجاتنا من الطاقة، كما أن جميع السلع الإستراتيجية في أعلى درجات المأمونية».
وتابع رئيس الوزراء: «إحدى الخطوات التي اضطررنا لتنفيذها تتمثل في إيقاف بعض المصانع تحديدًا لفترة مؤقتة، وهناك تكليف للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية للتواصل مع هذه المصانع والاتفاق معهم على الإجراءات التي من شأنها أن تُخفف من آثار الأزمة عليهم، إلى جانب تقديم حوافز تشجيعية لتعويضهم عن الإيقاف الذي تم».
وأكد رئيس الوزراء أنه مع دخول سفن التغيير سنكون قد حللنا المشكلة، ولكن إذا كان هناك حلول أخرى مبكرة لعودة إمدادات الغاز، سيكون لدينا تاريخ أقرب من ذلك بكثير لعودة ضخ الغاز لهذه المصانع المتوقفة، مشيرًا إلى أن الحلول التي تطرحها الحكومة من وصول سفن التغيير وغيرها من الخطوات، تُساهم في تأمين الدولة من أي توقف مستقبلاً، بحيث لا نكون متأثرين بأي أحداث، ولا يكون هناك تأثير مباشر على هذا الموضوع مستقبلًا.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه كما تم الإعلان السبت الماضي، فإن النتائج السلبية لهذه الأحداث دفعت الدولة لاتخاذ قرار بتأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير، مؤكدًا أن الدولة بكافة أجهزتها مستعدة لهذا الحدث، ونأمل أن يكون الافتتاح في الربع الأخير من هذا العام، طبقًا لمعطيات ما يحدث والمُستجدات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه وهو يتابع حالة الأسواق، فإنه يؤكد أن المصانع كلها تعمل بكامل طاقتها، مع توافر مستلزمات الإنتاج، والعملة مستقرة، وبالتالي فالحكومة مهتمة بشكل كبير باستقرار الأسعار، ولا ترى أن هناك مبرراً لأية زيادات أو خلق أزمة من لا شيء، ولذا سيتم غدًا عقد اجتماع للجنة العليا لضبط الأسواق ومتابعة الأسعار، لطمأنة الأسواق، وإعطاء رسالة لكل الغرف التجارية بأن الأمور مُستقرة، مؤكدًا أن الدولة تُحذر من أية محاولة لخلق أزمة من لا شيء، مشددًا أنها ستتصدى لذلك بمنتهى الحزم.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: «مع الأزمة، بدأ العديد من المفكرين يتناولون كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك سيكون هناك تكثيف للاجتماعات مع اللجان الاستشارية لمجلس الوزراء خلال الأسبوع القادم، للاستماع إلى أفكار الخبراء الاقتصاديين والسياسيين، بحيث تتبنى الدولة تلك الأفكار».
وتابع: «نحن حريصون كل الحرص على هذا التواصل واستمراريته، بغض النظر عن الأزمة، حيث يولد هذا التواصل مع الخبراء والمتخصصين أفكارًا كما يتم من خلاله التوافق على مجموعة من الخطوات ليتم التحرك فيها».
وانتقل رئيس الوزراء للحديث عن الوضع الاقتصادي، حيث قال: «الملف الاقتصادي مستقر تمامًا وحتى هذه اللحظة، وفي ظل الأزمة التي نشهدها، الدولة مطمئنة على مؤشراتها وإجراءاتها، ولكن أؤكد مرة أخرى أن سوء الأوضاع سيكون له تداعياته، وبالتالي ستكون هناك سيناريوهات للتعامل مع هذا الأمر».
وأضاف: «كانت هناك اجتماعات مكثفة مع الوزراء المعنيين بخطط الاستثمارات والطروحات في الفترة القادمة، ومن ذلك وزراء قطاع الأعمال العام والكهرباء والاتصالات والاستثمار، وتم الاتفاق على مجموعة من الأصول الجديدة التي يمكن إعلانها للطروحات في خلال المراحل القادمة اعتبارًا من نهاية هذا العام أو العام القادم، ومن ذلك المطارات، ونأمل أن يتم طرح أول مطار قبل نهاية هذا العام على شركات الإدارة والتشغيل العالمية».
واستطرد رئيس الوزراء: «تابعت أيضًا مشروعات تطوير الفنادق التاريخية مع الشركات التي دخلت في شراكة مع الدولة، وتم التأكد من الالتزام ببرامجها الزمنية لتعظيم الاستفادة من أصول الدولة في هذا الأمر».
وتابع: «شهد هذا الأسبوع كذلك تنظيم مؤتمر دولي وهو»التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص«، والذي عقد بحضور كل مؤسسات التمويل الدولية، وتم الحديث عن الخطط المستقبلية والإجراءات التي قامت بها الدولة لتشجيع القطاع الخاص، والأهم أن المؤسسات الدولية أعلنت عن حزم التمويل التي ستتيحها لشركات القطاع الخاص المصرية؛ حتى تستطيع أن تتوسع ليس في مصر فقط، بل لفتح أسواق جديدة في أفريقيا خلال الفترة المقبلة».
وفي ختام حديثه، أشار رئيس الوزراء إلى الزيارة المهمة التي قام بها هذا الأسبوع رئيس وزراء صربيا والوفد المرافق له لمصر؛ حيث تم عقد منتدى رجال الأعمال المصري الصربي، لافتًا إلى إبداء رئيس وزراء صربيا إعجابه بالتجربة التنموية المصرية، وخاصة في مجال العقارات وتشييد العاصمة الإدارية الجديدة.
وفي هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى أن صربيا ستنظم معرض إكسبو 2027، حيث أبدى رئيس الوزراء الصربي رغبة شديدة في أن تقوم الشركات المصرية، بما لديها من خبرات طويلة في قطاع التشييد والبناء، في الدخول لصربيا ومساعدة الدولة هناك في بناء المنشآت الخاصة بهذا الحدث العالمي الكبير.