السودان يواجه أخطر عام دراسي في تاريخه.. منع عودت 19 مليون طالب إلى فصولهم الدراسية لهذا السبب 

السودان يواجه أخطر عام دراسي في تاريخه.. منع عودت 19 مليون طالب إلى فصولهم الدراسية لهذا السبب 

بين أطلال مدارس تحوّلت إلى ركام ومقابر، وجثامين متناثرة وطرق مفخخة بعبوات الناس، يواجه أكثر من 19 مليون طالب سوداني خطرًا محدقًا مع قرب إعلان استئناف الدراسة في عدد من ولايات البلاد، وعلى رأسها الخرطوم، التي تمثل النسبة الكبرى من مؤسسات التعليم الأساسي والعالي.

وبينما مضى أكثر من عامين على توقف العملية التعليمية بسبب الحرب الطاحنة التي اندلعت في أبريل 2023، تتعالى أصوات القلق مجددًا، ليس فقط من تعطيل الدراسة، بل من حجم الكارثة التي تهدد الأرواح إن تم فتح المدارس دون معالجة شاملة لما خلفته الحرب من دمار ومخاطر.

مدارس الموت.. لا فصول ولا حياة

في مشهد يُعد الأكثر قسوة في تاريخ التعليم السوداني، كشفت لجنة معلمي السودان عن تحوّل بعض المدارس إلى مقابر جماعية، لم تُنقل رفات ضحاياها حتى اللحظة. وأخرى، تحولت إلى ساحات تنذر بالخطر بسبب انتشار الأجسام المتفجرة غير المنفجرة، وسط غياب كامل لأعمال المسح الهندسي والتعقيم.

ووصفت اللجنة القرار الصادر من سلطات ولاية الخرطوم بإعادة تشغيل المدارس ابتداءً من يوم الأحد القادم، بأنه “استفزازي وغير إنساني”، معتبرة أن فتح المدارس بهذه الظروف دون تحصينات مسبقة هو بمثابة حكم بالإعدام على الطلاب والمعلمين على حد سواء.

انفلات أمني وغياب للخدمات

الوضع في العاصمة الخرطوم وبقية الولايات لا يزال هشًا، فالماء والكهرباء لا تصلان سوى لساعات محدودة – إن وصلت، فيما تغيب المنظومة الصحية بشكل شبه كامل، تاركة المجال للأوبئة للتفشي، من بينها الكوليرا، وحمى الضنك، وأمراض الجهاز التنفسي.

ولم تُعلن وزارة الصحة حتى الآن انتهاء هذه الأوبئة أو السيطرة عليها، ما يزيد من حجم المخاوف لدى أولياء الأمور الذين يرون في قرار العودة إلى المدارس مخاطرة غير مبررة.

المعلمون بين الإهمال والتجويع

تؤكد لجنة المعلمين أن آلاف المدرسين يعيشون أوضاعًا مأساوية، إذ فُقدت رواتبهم منذ بداية الحرب، وتحول الكثير منهم إلى نازحين أو لاجئين، ولم يتغيبوا عن مدارسهم بإرادتهم، بل نتيجة الظروف القاهرة التي فرضتها الحرب.

القرار بعودة العاملين إلى المدارس اعتُبر، وفق اللجنة، مخالفًا للقانون الدولي الذي ينص على ضرورة توفير بيئة عمل آمنة وشروط صحية مناسبة قبل استئناف أي نشاط مهني، خاصة في القطاعات الحيوية كالتعليم.

صرخة مجتمع وطني: التعليم لا يُقام على الجماجم

في وقت تحاول السلطات المحلية استعادة الحياة الطبيعية ولو بشكل تدريجي، تواجه الحكومة تحديًا وجوديًا، بين إنقاذ جيل كامل من التجهيل والانقطاع، وبين المجازفة بأرواح ملايين الأطفال دون تأهيل البيئة المدرسية.

صوت الشارع السوداني حادٌ وواضح: “نريد تعليمًا آمنًا.. لا فصولًا تسقط على رؤوسنا، ولا فصولًا تحوي جثثًا أو قنابل